الجزيرة - فيصل العواضي
أزمة لم تكن في الحسبان تلك التي عاشتها شركات الطيران جراء انفجار بركان آيسلندا والسحب البركانية التي أفرزها وخلقت معها العديد من المفاراقات بين البشر الذين يجوبون أنحاء المعمورة عبر الطيران ووجدوا أنفسهم عالقين في العديد من مطارات الدنيا دون إمكانية القدرة على الشكوى أو التضرر أو رفع الدعاوى القضائية كما جرت العادة. كما وجدت شركات الطيران نفسها وحيدة وهي تواجه قسوة الطبيعة دون أن تجد معها من يتضامن من شركات التأمين الناجي الوحيد من الأزمة.
قد لا يكون جديد أرقام الخسائر التي منيت بها شركات الطيران لكن الجديد هو هذه الصور التي تنطق بأبلغ تعبير عن الكارثة.
وانعكست التداعيات السلبية لسحابة الرماد البركاني الآتية من آيسلندا على قطاعات اقتصادية في دول عدة، ما زاد المخاوف من أن يسبب استمرار تعطل الحركة الجوية أزمة اقتصادية جديدة.
وذكر الاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) أن خسائر شركات الطيران اليومية تقدر بنحو 200 مليون دولار، كما امتدت الخسائر لتشمل أسهم شركات الطيران والسفر في البورصات العالمية.
وقبل أن تتنفس الأجواء الصعداء أطلقت شركة طيران (إير فرانس-كيه.إل.إم» رحلتين تجاريتين تجريبيتين لاختبار تأثير الرماد البركاني. وجرت الرحلتان بشكل طبيعي، وقالت الشركة إن الفحص الفني الذي أعقب الرحلتين لم يظهر أي شيء غير مألوف.
وقال مفوض شؤون النقل في الاتحاد الأوروبي سيم كالاس، إنه (من المرجح أن يكون التأثير الاقتصادي لسحابة الغبار البركاني التي أدت إلى إلغاء كثير من الرحلات الجوية أكبر من الضرر الاقتصادي الذي ألحقته هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة بشركات الطيران) وقداستدعى الاتحاد الأوروبي وزراء لعقد محادثات في ظل تزايد الضغوط لإيجاد حل لأزمة النقل الجوي التي دامت خمسة أيام.
وألحقت تداعيات الأزمة الضرر بأسهم شركات النقل السياحي والطيران في معاملات أمس، إذ تراجع سهم الخطوط الجوية البريطانية 3%، وهبط سهم (إيزي جت) 3.3%. وانخفض سهما (تي.يو.آي ترافل) و(توماس كوك) 3.1% و3% على التوالي.
وكانت شركة (تي.يو.آي ترافل) ذكرت الأحد الماضي أنه كان من المقرر عودة نحو 100 ألف عميل إلى بلادهم بعد قضاء عطلات، وأن 90% من العملاء في بريطانيا الذين كان من المقرر أن يذهبوا لقضاء عطلات، اختاروا حجز رحلات بديلة في وقت لاحق. إلى ذلك قدرت شركة الخطوط الجوية البريطانية (بريتيش آيرويز) أمس، كلفة تعطل حركة الملاحة الجوية بين 15 و20 مليون جنيه إسترليني يومياً. مؤكدة أن لديها تمويلاً كبيراً متاحاً لمواجهة إغلاق المجال الجوي البريطاني لفترة طويلة.
من جهته كشف وزير الاقتصاد الألماني راينر برودرله، عن بحث ألمانيا تقديم مساعدة مالية لشركات الطيران، إذا ما استمر إغلاق المجال الجوي الأوروبي فترة طويلة، وقال إن أحد الاحتمالات يتمثل في تقديم اعتمادات مخفضة من خلال بنك كيه.إف.دبليو الحكومي. ومن المقرر أن يلتقي الوزير الألماني مع ممثلين عن صناعة الطيران الألمانية في وقت لاحق لبحث تطورات الوضع، معتبراً أن سحابة الغبار البركاني التي تخيم على أوروبا تسبب (اضطراباً كبيراً) في الاقتصاد الألماني.
أجواء مغلقة
وقالت (المنظمة الأوروبية لسلامة الملاحة الجوية» في آخر تحديث لها لحركة الملاحة في أوروبا أنه من المتوقع تسيير 30% فقط من إجمالي عدد الرحلات الجوية اليوم، أي ما يراوح بين 8000 إلى 9000 رحلة، مقارنة بـ 28126 رحلة في الأيام العادية، بمعدل تراجع 70% في إجمالي الرحلات.
وأشارت المنظمة إلى أن (خدمات مراقبة الحركة الجوية التي تقدم للطائرات المدنية لاتزال غير متوافرة في جزء كبير من المجال الجوي الأوروبي). وهذا يشمل بلجيكا، والتشيك، والدنمارك، وإستونيا، وفنلندا، وألمانيا، والمجر، وآيرلندا، وهولندا، وشمال إيطاليا، وبولندا، ورومانيا، وسلوفينيا، وسويسرا، والمملكة المتحدة، إضافة إلى أجزاء من أوكرانيا). فيما لاتزال أجواء البرتغال، وإسبانيا، وأجزاء من إيطاليا وفرنسا، ومنطقة البلقان وبلغاريا واليونان وتركيا، وأجزاء من النرويج والسويد (وهي تشكل 50% من مساحة أوروبا) مفتوحة أمام حركة المرور المدني. من جانب آخر انتقد المدير العام والرئيس التنفيذي للاتحاد الدولي للنقل الجوي (إياتا) جيوفاني بسغناني، أنظمة الملاحة الجوية المتبعة في أوروبا، موضحاً أن (قرار حظر الطيران استند إلى نموذج نظري لكيفية انتشار الرماد، إذ إن اتخاذ القرارات تم دون التشاور على نحو كافٍ مع مشغلي شركات الطيران).