كان لظهور القنوات الرياضية المتخصصة بالذات والقنوات الأخرى العامة التي تقدم برامج تعنى بالشأن الرياضي الكثير من الإيجابيات ومن أبرز هذه الإيجابيات، النقل المباشر لمعظم المنافسات الرياضية، نقل مباريات الدرجات الأدنى من الممتازة ومباريات الفئات السنية، وهو الأمر الذي ساهم في قلة أخطاء الحكام - ولا أقول انعدامها - في مواجهات هذه الدرجات والفئات، كما أن من الإيجابيات تقديم برامج متنوعة تثري المتابع الرياضي، وتكشف العديد من أوجه الخلل في الشأن الرياضي ومحاولة البحث عن أساليب مناسبة لعلاجها، كما أنها تقدم برامج تثقيفية ومعلوماتية من شأنها أن توسع مدارك المتلقي وحلق بها إلى فضاءات أرحب.
لكن الإيجابيات السالفة الذكر قد لا تكون شيئاً مذكوراً وقد تمر مر السحاب إذا ما قورنت بالإيجابية الأهم والأكبر للقنوات والبرامج الرياضية، وهي التي تتعلق بكشف الوجه الحقيقي لبعض الإعلاميين الذي كانو يختبئون وراء ثقافة مصطنعة عبر زواياهم الصحفية، وهي الزوايا التي كانت تقدم أحدهم على أنه خبير قانوني، والآخر خبير معتمد، والثالث خبير معروف، والرابع قانوني متخصص، وربما كان الخامس خبيراً زراعياً يفتي في نوعية المعشب الأخضر ودور نقص السقيا في إصابات اللاعبين التي تفشت في المواسم الأخيرة.
لقد قدمت البرامج الفضائية كل شيء بلا رتوش وبلا غطاء، وقدمت بعض الإعلاميين بالصورة الحقيقية التي كانت خافية على البعض، لقد كان الظهور الفضائي للبعض مثل عوامل التعرية التي كشفت مع الأيام والحلقات كل شيء، بعد أن كان ظهورهم بمظهر الخبير والقانوني والمميز والأخصائي وهلم جرا من الألقاب التي كانت تسبغ عليهم وهم أبعد ما يكونون عنها وعن مدلولاتها الحقيقية.
لقد رسب القانوني في امتحان القانون المباشر، وسقط الخبير عندما احتاج فريقه لخبرته، وتبين أنه والخبرة في خطين متوازيين لا يمكن أن يلتقيا، كما فشل من كانوا ينظرون على الورق ويقدمون المقترح تلو الآخر ويطالبون بالمناظرات ومقارعة الحجة بالحجة، إذ تبين أن تنظيرهم لم يعد مقدوراً عليه في الفضاء، وأن مقترحات ربما كانت من عصارة أفكار غيرهم وعندما جاء وقت الإدلاء بها نسوها، وأن مقارعتهم الحجة لم يعد بالحجة بل بالصراخ والعويل وشتم الآخر والنيل من كل طرف لا يوافقه الرأي ولا يتوافق معه في التوجه.
شكراً للقنوات الرياضية، ورغم أننا كنا ضد سيلها البرامجي المتدفق، إلا أننا نجد أنفسنا هذه المرة مجبرين على الترحيب به، فقد كشف الغث من السمين، كما كشف الزبد وما ينفع الناس، ووسط هذا السباق المحموم لابد أن تنتصر الحقيقة في النهاية فيذهب الزبد جفاء، ويبقى ما ينفع الناس في الظهور والإفادة، كما ينشد كل الصادقين.