في الصفحات الرياضية لإحدى الصحف المحلية زاوية مشاغبة بعنوان «بعيداً عن الرياضة» ذات أسئلة ثابتة ومتكررة، تتنوع بين الثقافة والسياسة، وبعيدة كل البعد عن الكرة والرياضة، وضيوف هذه الزاوية هم لاعبو كرة القدم السعوديون، بل مشاهير اللاعبين وقدوتهم.
|
طبعاً من وضع الأسئلة يتمتع بذكاء وفطنة، وربما بتنبؤ عم ستسفر عنه إجابات هؤلاء اللاعبين المرعبين، فهو مثلاً، في سؤال: ماذا تعرف عن هؤلاء؟ لم يضع اسم شاعر كأدونيس أو محمود درويش أو نزار قباني، بل اختار بذكاء «ولؤم» محبب ولذيذ، اسم الشاعر المصري الكبير الراحل أمل دنقل، لتأتي الإجابات المضحكة:
|
|
|
- أول مرة أسمع فيها (على باله ذكي، وسمع عن الكثيرات، لكن الآنسة أمل لم يسمع عنها شيئاً).
|
- لا أعرف الشيء الكثير عنها (يا أخي أعطنا لو قليلاً مما تعرفه عنها، أو عنه).
|
- لم أسمع بها من قبل! من تكون؟ (فعلاً من تكون يا شاعر الشعراء المصريين، ومعك كل الحق لكي تكتب قصيدتك الشهيرة: لا تصالح).
|
هذه الإجابات غيض من فيض، واشترك فيها أسماء من أبرز اللاعبين في الكرة السعودية، على رأسهم عميد لاعبي العالم محمد الدعيع، ومعه أحمد عطيف وحسن الراهب وأحمد مناور والحسن اليامي وغيرهم!
|
هل تريد عزيزي القارئ أن تضحك أكثر، ليس سخرية بل حزناً، تعال معي إذن:
|
ما رأيك، خصوصاً بأن اليوم جمعة، عطلة آخر الأسبوع، بأن تذهب مع أصدقائك إن كنت أعزب، أو لتصطحب أطفالك إن كنت متزوجاً، إلى أحد مطاعم الوجبات السريعة، وتفاجئهم بوجبة جديدة لم يتذوقها أحد قبلهم، اسمها «تشارلز ديكنز»!
|
أقسم بالله إني صادق، فما أخبركم به على ذمة اللاعب أحمد مناور، هو قال ذلك، مع أنني أعرف أن تشارلز ديكنز روائي بريطاني شهير جداً، كتب «قصة مدينتين» و «أوليفر تويست» وغيرها من الأعمال الروائية الكلاسيكية، وآخر منزل عاش فيه بلندن تحوّل إلى متحف ومزار يؤمه مئات الآلاف من الزوار سنوياً، لكنني قلت لنفسي، يمكن أحد مطاعم الوجبات السريعة، ذات الصبغة العالمية أو الأمريكية في البلد، قررت أن تقوم بتكريم الروائي الشهير على طريقتها، ووضعت وجبة سريعة باسمه، لم نسمع عنها، بل لم يسمع بها أحد سوى اللاعب مناور!
|
لكن الرد على مناور يأتي حاسماً وقطعياً، وهذه المرة من حسن الراهب، لاعب الأهلي، الذي يعترض ويقول عن ديكنز: معروف، هو ممثل شهير!
|
يا شباب، هو ممثل شهير أم وجبة سريعة؟
|
بصراحة أنا لا أعتب عليكم، ولا على الدعيع الذي لا يعرف الآنسة أمل دنقل!
|
بل العتب على أمل نفسه، كيف مات قبل أن يمرّ على مصلحة الأحوال المدينة في مصر كي يغيّر اسمه، أو لماذا لم يرسل مجموعة شعرية، أو حتى أعماله الشعرية الكاملة وسيرته إلى الزملاء اللاعبين، وعلى رأسهم العميد الدعيع!
|
بل ربما يطال العتب السيدة عبلة الرويني، الدكتورة والناقدة وزوجة الشاعر الراحل، كيف لم تتعب على سيرة الرجل، وتبعث نشرات تعريفية عنه، أو سيرته الذاتية مثلاً، إلى أنديتنا الرياضية، كي يتم توزيعها على اللاعبين قبل الحصص التدريبية، حتى يتشرف هو بتعرف اللاعبين الأفاضل على شخصه البسيط!
|
ختاماً، ليس عليّ سوى أن أردّد مع المتنبي - هذا والله العظيم شاعر، ما هو وجبة شعبية - بيته الجميل:
|
وإذا خفيت على الغبي فعاذرٌ |
أن لا تراني مقلةٌ عمياءُ |
|