نعلم جيداً أن عجلة السعودة المنشودة من قبل الدولة ممثلة بعدد من الجهات الرسمية تسير في حركة بطيئة جداً على الرغم من الجهود المبذولة لإنجاحها، وقد لا أبالغ في القول أن تلك العجلة ...
لا زالت تدور في فلك الوظائف الإدارية فقط دونما الفنية منها إلا ما ندر.
وتواجه عمليات السعودة بالقطاع الخاص الكثير من المعوقات، وقد تمت الإشارة لها في محافل عدة ليس المجال لذكرها ولكن السرد المنطقي يفرض استعراضها بعجالة دون الخوض في تفاصيلها عدا تلك المعوقات التي لها علاقة مباشرة بما أود التركيز عليه، ولعل القارئ الكريم سيراعي ذلك، حيث يشكّل الارتفاع الواضح في تكلفة العمالة الوطنية مقارنة بالعمالة الوافدة إحدى أهم المعوقات الحالية إضافة إلى مستوى الأجور وظروف العمل ونوعية الوظائف وشروطها ما يؤدي إلى انصراف الشباب عن معظم الوظائف وتركها خالية في حين مواجهتهم لتنافس شرس من قبل العمالة الوافدة في العديد من المجالات التي يمكن أن تكون ظروف العمل فيها مواتية ومستويات الأجور بها مناسبة. أما ما يواجه القطاع المشغل أو المستهدف بالتوظيف من معوقات فيأتي في طليعتها غياب الأيدي المهنية المدربة أو الماهرة إلى جانب ارتفاع تكاليف التدريب وانخفاض نسبة الجودة في معظمه وأيضاً قدرة العامل الوافد على التكيّف السريع مع طبيعة العمل وظروفه وسهولة استقطابه والتخلص منه. إلى جانب الطفرة الواضحة في كثرة العناصر الشابة الجامعية يقابله بذات القدر كثرة الشباب غير المؤهل مع غياب واضح جداً للمستوى المتوسط من الأيدي الوطنية العاملة.
وقد سبق أن أشرت في أكثر من مقال للعوامل التي يمكن أن تساعد بشكل دقيق على علاج مشكلة البطالة على المستويين القصير والبعيد والعمل على تأهيل الشاب السعودي لدخول سوق العمل وما يجب على الجهات المعنية عمله بدءاً من الأسرة أو المنزل ومروراً بوزارة التربية والتعليم ووزارة التعليم العالي ومؤسسة التدريب المهني والتقني ووزارة العمل. والجهات المعنية بتوظيف العاطلين عن العمل من الجنسين، وترتيب القطاعات الحيوية التي يمكن أن تستوعب الكثير منهم، بل جميعهم وجميع من سيأتي بعدهم من خريجين وطالبين للعمل.
الجانب المهم في ما سبق هو العملية التدريبية التي تهتم بها الجهة الموظفة الراغبة في التعاون والمساهمة بتوظيف أبناء الوطن من خلال إحسان تأهيلهم لتولي العمل بالطريقة المناسبة، تلك العملية التي بدأت تفقد كثيراً من جودتها حتى أصبحت العملية التدريبية في كثير من أحوالها أشبه بالعملية التجارية الخالصة، فيكفي أن تدفع أجور دورة التدريب والحضور لها في الوقت الذي تم تحديده وللأيام القليلة المقررة للحصول على شهادة اجتياز للدورة. يكون في الغالب محتوى الدورة جيداً وقد تم اعتماده من الجهات التدريبية بينما يكمن معظم الخلل من عدم اهتمام المدرب بإيصال المعلومة بالشكل المناسب الذي يضمن فعلاً استفادة الشاب الذي حضر تلك الدورة.
أصبح هاجس الشاب هو الحصول على شهادة الدورة بغض النظر عن محتواها، فيما أصبحت المنافسة لجذبه على أشدها وخرجت عناوين رنانة لتلك الدورات واعتمادات عالمية مثيرة ووعود بعضويات اتحادات إقليمية وعالمية.
لا بد من مراجعة الأمر وعدم الاكتفاء باعتماد محتوى الدورة، بل يجب مراجعة أيضاً تقديم تلك الدورة والتأكد من صحتها ووصولها لطالبها. لا بد من وضع آلية للإعلانات التجارية وآلية للتنافس بين مقدمي تلك الدورات. إلى لقاء آخر إن كتب الله.