تعتبر ظاهرة العنف ضد الأطفال ظاهرة خطيرة، تخالف الفطر السليمة. وتكمن خطورة الظاهرة في الكثير من المواقف النفسية السيئة وغير الطبيعية، والتي تظهر في سلوكيات الأطفال في مستقبل الأيام، كشهوة الانتقام من المجتمع، ومن آلياته وممتلكاته. كما تمثل قضية العنف ضد الأطفال تحدياً صارخاً للقيم الإنسانية والمثل النبيلة، - سواء - بشكلها الظاهر عضوياً، أو المتخفي عقلياً ونفسياً.
تقرير الدكتور ماجد العيسى - نائب المدير التنفيذي للبرنامج الوطني للأمان الأسري - قبل أيام، والذي أشار فيه، إلى أن: (عدد الحالات المسجلة في السجل الوطني منذ بدايته قبل ستة أشهر، بلغت نحو 200 حالة عنف أسري. أغلبها حالات إهمال، وعنف جسدي، ونفسي، وجنسي). هذا التقرير أثار فضولي لمعرفة ما يجري عندنا، فهو يسلط الضوء على حقيقة مؤلمة، هي: خطورة واستشراء هذه الظاهرة في مجتمعنا.
أياً كانت الدوافع النفسية التي تؤدي إلى حدوث العنف ضد الأطفال، - سواء - تعرض الشخص للاكتئاب الشديد، أو وجود التخلف العقلي، أو وجود صفات منحرفة في الشخصية، أو غير ذلك من الدوافع التي مردها في نهاية الأمر إلى التربية القاصرة، والعقد النفسية، فإن الحاجة ملحة إلى ضرورة إجراء دراسات ميدانية دقيقة؛ للتعرف على هذه المشكلة. هل هي حالات شاذة تزيد وتقل بين بيئة وأخرى، تستحق بذل الجهد والوقاية؟ أم هي ظاهرة، تستحق العلاج؟
صحيح أن حالات العنف ضد الأطفال، ليست قاصرة على مجتمع دون آخر، وتتفاوت درجتها حسب الفوارق الاجتماعية والثقافية والمادية، إلا أننا بحاجة حقيقة إلى تفعيل جهود حماية حقوق الطفل، من جميع أشكال حالات العنف التي يتعرضون لها، بإصدار نظام حماية حقوق الطفل من الإيذاء بكافة أشكاله وصوره، بشرط أن يشمل ذلك النظام كافة الفئات العمرية، هذا من جهة.
ومن جهة أخرى، فإن الكشف عن قضايا العنف ضد الأطفال، وإيجاد الآليات التي تعين على اكتشافها منذ بدايتها، بدلاً من انتظار الحالة حتى تصل بنفسها إلى الجهات الرسمية، أمر في غاية الأهمية. - لاسيما - وأن حالات العنف ضد الأطفال في ازدياد، وحتى يضع المجتمع حداً لمثل هذه الممارسات غير الإنسانية، والتي يقوم بها أناس غير أسوياء.
جريمة أن نسيء لأطفالنا، ونهملهم عاطفياً وجسدياً. فهذه قضية من أشد القضايا مرارة، نساهم من خلالها - شئنا أم أبينا - بانتقال العنف عبر الأجيال في مجتمعاتنا. أرجوكم، لقد آن الأوان لأن نرفع شعار: (لا.. للاعتداء على أطفالنا).
drsasq@gmail.com