كثيراً ما نبذل الجهد الوفير لإنجاز أعمالنا، وقد نفاجأ أن مستوى الإنجاز لا يوازي مستوى البذل والجهد الذي عملناه! وقد نلقِي باللوم على الآخرين أو على بيئة العمل، أو على أي شيء آخر، لكي نشعر بالراحة النفسية والذهنية أن ضعف الإنجاز ليس تقصيراً منا، بل بسبب أشياء أخرى؟
الواقع أن الطالب الذي يبذل جهداً كثيراً أيام الاختبارات فقط، أو الموظف الذي يبذل جهداً مضاعفاً في وقتٍ معين ويركن للراحة طيلة أيام الأسبوع، أو مدير المدرسة الذي يبذل قصارى جهده بداية العام الدراسي ثم ينام طيلة السنة، أو الأسرة التي تنفعل وتوجه في لحظاتٍ معينة ثم تغفل عن التربية والتوجيه بقية الوقت، كل تلك الأمثلة هي لبذل الجهد الوفير بقصد الجودة في الإنتاج، والنتيجة خيبة أمل في نتائج الاختبارات، أو عدم الشعور بالرضا النفسي للموظف، أو سوء الأداء المدرسي وتخبط الإدارة، أو عدم رضا وتذمر من الأُسر لمستوى التربية المتدني لأبنائنا!
في حقيقة الأمر أن جودة الإنتاج ليس بالضرورة أن تكون نتيجةً لكثرة العمل في وقت معين، فالجودة تحتاج إلى توزيع الجهد على فترة العمل، وتحتاج إلى توازن الجهود، ووضوح الرؤية، والجد في متابعة العمل، كل ذلك يؤدي إلى جودة المخرجات، وبدونها سوف ننجز الأعمال، لكن لا تسأل عن جودة المخرجات!
الكثير من طلابنا يبذلون جهداً مضاعفاً أيام الاختبارات لكن بعد الاختبارات بأسبوع قد تفاجأ من نسيانهم لما درسوه ونجحوا فيه! فالعتب ليس على ضعف المادة أو عدم مناسبتها أو ضعف التدريس، أو غيره، لكن العتب على أسلوب الجهد المبذول في فترة قصيرة وعدم توزيع الجهد على الفصل الدراسي، وعدم تقسيم الجهد في المذاكرة اليومية أو الأسبوعية.
نحن بحاجة لتعلم أن جودة الأداء لا تكون بكمية العمل، لكن بحسن التخطيط وتوزيع الجهد وتعديل السلوك، وتصحيح الأخطاء، لكي نصل إلى الجودة في الإنتاج، فقد تجد موجاً هائجاً يحطم الصخور،لكنه لا يحافظ على نظافة الشاطئ من الأوساخ، فهل يعقل أن تلك القوة العارمة للأمواج الهادرة تفشل في تنقية ماء البحر من عفن راكد بين الصخور، السبب ببساطة أنه لإزالة هذا العفن نحتاج إلى توزيع قوة الأمواج لتدخل بين الصخور حتى تنظف الشاطئ من كل الأوساخ، فالقوة في الأداء مع عدم وجود التنسيق والتخطيط ليس بالضرورة كافياً ومرضياً في جودة الأداء!
جامعة الملك سعود