إيصال المواطن رأيه للمسؤول وتعبيره عن موقفه من أي أمر مستجد أجده حقاً مكفولاً لكل مواطن ويلزم أن يعدد المسؤولون في قنوات التعبير المتاحة ولا يكتفي فقط بسياسة الباب المفتوح، لأن وقت المسؤول والمواطن قد لا يمنح الفرصة لكليهما بالالتقاء وتبادل وجهات النظر حول مختلف المستجدات.
أظن أن تدريب الناس على سياسة الفكر المفتوح أكثر جدوى للتعبير عن الرأي وإدراك حق الآخر في الاختلاف والاختيار. والاعتراف بقيمة التعدد في الخيارات المطروحة والمتاحة للناس. لم تعد المملكة العربية السعودية بمكوناتها الاجتماعية والاقتصادية والثقافية هي ذلك المجتمع الأولي البسيط، طالت التركيبة السكانية كثير من التغيرات التي لحقت بالمواطنين والمقيمين من عاملين وخبراء وأرباب شركات ووظائف دبلوماسية عالية المستوى من مختلف بلدان العالم، هذه التفاعلات الثقافية والسكانية والاقتصادية التي تنتفع منها البلاد وأهلها تنتج تباينات وقراءات جديدة في فقه الواقع وطرائق التعامل مع متطلبات الحياة ومستجداتها.
لم يعد من المقبول أن تفرض فئة رغباتها على مختلف الفئات الأخرى، إيجاد خيارات متعددة مطروحة هو حق مدني تدرك أهميته الدول الحديثة. إعراض المسؤول عن الإنصات لتفاعل الجمهور مع قراراته وطموحاته ليست في صالحه لأن صوت الناس مهما كان مختلفاً أو مثبطاً فهو الأحق بأن يسمع شرط أن يسمع المسؤول لكل الناس بمختلف اتجاهاتهم ودوافعهم، لا ينبغي أن يعلو صوت فئة على غيرها ولا ينبغي أن ينظر لفئة على أنها هي مالكة الحقيقة وغيرها جاهلة إمعه.
إذا نجا المسؤول من مغبة التصنيف ومحاباة اتجاه على حساب آخر وإذا اتسم المسؤول بالمواطنة الحقة خاض معركة الإصلاح وهو متسلح بالمعنى الذي قصده الرسول صلى الله عليه وسلم بقوله إن المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي يعتزل الناس ولا يخالطهم خوف أذاهم.
والمسؤولون الذين اختاروا النزول، والخروج بين الناس والاستماع لهم وتحمل كل وجهات النظر المتباينة هم لاشك خير من أولئك الذين ارتضوا سياسة العزلة بحثا عن الراحة من سماع صوت المخالفين، مع أن هذا الصوت كلما ارتفع دل على قوة الإصلاح، فالبكاء على قدر الألم كما يقول أحد مشاهيرهم!.