Al Jazirah NewsPaper Thursday  01/07/2010 G Issue 13790
الخميس 19 رجب 1431   العدد  13790
 
الطائف.... منتزه سيسد!!
محمد أبو حمراء

 

كنا شبابا ونذكر الطائف المأنوس؛ جمال الأرض والجو والتعامل والأجمل من ذلك قربها من بيت الله الحرام بمكة المكرمة.

كانت الطائف أودية مفتوحة للزائر؛ أشجار ظلها ظليل وماؤها عليل؛ أما السكن فكان متيسرا وبسعر معقول؛ لكن ميزتها آنذاك أنك حيث تحط رحالك تجد متسعا من الأرض لتستقر وترتاح أنت وأسرتك من عناء الحياة؛ وكان عمال النظافة أيامها قلة؛ ولكن نظافة الطائف أكثر وأنقى وأجمل من اليوم.

وسبق لي في مقالة قبل عام تقريبا أن قلت إن الطائف أصبحت مدينة طاردة بعد أن كانت جاذبة؛ فما الذي تغيّر يا ترى في الطائف؟ يبدو أن المدينة اتسعت «حتما» عما كانت عليه؛ وشمل الاتساع حتى شعاف الجبال التي أصبحت محاطة بأسوار أو بأكوام من التراب ويمنع على الزائر الجلوس فيها لأنها مكتوب عليها «ملْك فلان بن فلان» فتحيد عن «العقم» لتجد آخر مثله وهكذا حتى تخرج من الطائف!!!؛ ثم تضطر لأن تعود لشقتك الصغيرة المستأجرة وتعيد تشغيل المكيف وتتابع التلفزيون؛ وكأنك لم تستمع بصيف الطائف. أما القرى والأودية فقد جاءها «الإعصار البشري» وحوّلها إلى منتزهات لا تدخلها إلا بقيمة تعادل إيجار الشقة مرات ومرات!! والحدائق العامة معدودة على اليد في مدينة سياحية كالطائف.

كان منتزه سيسد المعروف والذي نعرفه ونحن أطفال هو ملجأ العائلات الكثيرة؛ والتي لو دخلت منتزها تجاريا لدفعت تذاكر تعادل الرحلة كلها؛ أتيته قبل العام الفائت؛ لكني حزنت كثيراً على سيسد؛ ما الذي جاءك يا سيسد وهدم الجبال واقتلع الأشجار ونزع الحجارة؟ لا أدري... قيل مشروع حضاري أحسن من منتزه بري يقصده أناس لا يدفعون رسوماً!! حتى الشجرة الباسقة والتي كان الأطفال يجلسون تحت ظلها اقتلعوها وأصبحت نائمة وعروقها كفم مستغيث يصيح... شيء محزن يا سيسد أن تموت الأشجار «منسدحة!!!» قال لي أحد من يعرفون سيسد جيدا إن هنا سيكون جامعة أو كليات أو مرفق تعليمي؛ تذكرت افتتاح مشروع سيسد للمتنزهات قبل عدة سنوات؛ وتذكرت سيسد اليوم.

سيسد لمن لا يعرفه واد به أشجار كثيرة؛ ويقع بين جبال بعيدة عن ضجيج المدينة وصراخ عجلات الخط السريع؛ كانت الأسر تأتي تحت أشجاره وتستمتع بوقتها بعيدة عن الضوضاء؛ وكان أكثر من يقصده هم العائلات الكبيرة والتي تقيم مناسبة دعوة لعائلة مثلها جاءت للسياحة؛ فيكون الموعد سيسد؛ وقد اهتمت الدولة به ورتبته ونظمت به كل مرافق الحياة؛ ثم أصبح اليوم جثة ميتة بعد أن كان وجها بشوشا؛ بمعنى أنه ألغي من كونه متنزها.

لا أدري ما البديل لسيسد كمثيل له في الطائف؟ ولكن لعل صاحب السمو الملكي أمير مكة المكرمة ومعالي محافظ الطائف أن يجعلا هناك بديلا لمنتزه سيسد مماثلا له في الفكرة والعطاء. وداعا سيسد حتى يأتي بديل جميل مثل جمالك.



Abo_hamra@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد