نعم يا رب الأرباب (لكل أجل كتاب).
لا راد لقضائك ولا مقدر لآجالك، لك الخلق ولك الأمر، خلقت الخلق ومن ثم خلقت الموت والحياة لتبلونا أينا أحسن عملاً.
لقد قلت وقولك حق (فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ).....
....لبت نداءك نفس حبيبنا وصديقنا صاحب المكارم والأخلاق الحميدة والابتسامة الدائمة عبد الله بن عمر الهريش (أبو سامي) واستسلمت روحه الطاهرة لقضائك وقدرك وانهمرت الدموع يا أرحم الراحمين على قدر ما تذكرت النفوس من كرمك وفضلك وعطائك فاللهم أعطها ولا تحرمها، اللهم استجب دعاء عبادك فيما سألوك وتقبل منهم ما تحشرج في حلوقهم واستكن في صدورهم واعتمل في نفوسهم من حب صادق لعبدك (أبوسامي) فإنهم في التعبير عنه جل الخطب وحزن القلب ودمع العين، اللهم تقبله في عبادك الصالحين.
لقد متع الله أبا سامي بالكثير والكثير من الخصال الحميدة والصفات النادرة في الوفاء والتواضع والإحسان للآخرين لقد منحه الله جملة من الشمائل والقيم يحسها ويعرفها كل من يعرفه ويعاشره ويخالطه في سفره وإقامته فلا يملك إلا أن يحبه ويقدره.. لقد كان مبتسماً دائماً بشوشاً عند اللقاء كريما في العطاء.
لقد كان - رحمه الله - نموذجاً في إنكار الذات منهكاً لصحته في سبيل إسعاد الآخرين، مجاملا إلى أبعد الحدود كريماً إلى ما لا نهاية فاتحاً بابه حيثما كان وحيثما استقر في الرياض أو في حائل أو في القصيم أو في سورية، فقد كان في كل صيف يوجه الدعوة إلى كثير من محبيه وأصدقائه لزيارته بمزرعته بالشام، وقد كنت ممن يحظون بمثل هذه الدعوة حتى إنه وقبيل سفره إلى ألمانيا بيوم واحد كرر دعوته الكريمة لزيارته بسورية، حيث يستقبل ضيوفه بمزرعته كل يوم طيلة فصل الصيف ويقدم لهم بنفسه ما لذَّ وطاب من نتاج مزرعته دون كلل ولا ملل بأريحية قل أن توجد وابتسامة صادقة قل أن ترى في هذا الزمن.
لقد كان هو وصديقه الوجيه المعروف الشيخ محمد الفوزان في سباق دائم في إكرام المصطافين من المملكة وغيرها في سورية كما هي عادتهما في بلدهما الرياض. لقد كان - رحمه الله - شهماً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، محباً للخير بكل معانيه سباقاً لمد يد العون لكل محتاج في قريته السليمى في منطقة حائل أو في القصيم أو الرياض، بل تجاوز خيره إلى خارج المملكة وبصفة خاصة اليمن الذي لا يعرف عن (أبي سامي) في فعل الخير أكثر بكثير مما يعرفه عنه أقرب المقربين منه حتى لكأن الحديث الشريف ينطبق على أفعاله وحسناته: (لا تعلم شماله ما تنفق يمينه).
حينما كنت أعمل ملحقاً ثقافيا بجمهورية مصر العربية وكان حينها يزور القاهرة بين فينة وأخرى (رحلة عمل) كان يكرمني بالزيارة في مقر عملي، وعلى الرغم من محاولاتي بأن يخبرني عن موعد وصوله وسفره إلى القاهرة لأحظى باستقباله وتوديعه إلا أنه كان - رحمه الله - لا يخبرني بذلك خوفاً من أن يشق علي، وفوق هذا كان يدعوني إلى مقر سكنه لتناول الطعام معه، وحينما أخبره بأن ذلك من واجبي كان يرد عليّ بأن يعطيني الفرصة في الرحلة القادمة وهلم جرا.
إن للفقيد الحبيب الغالي لوعة كبيرة في نفوس محبيه ومعارفه تشهد بذلك تلك الجموع الكبيرة التي تؤم منزله العامر في الروضة صباحاً ومساء منذ أن ورد نبأ وفاته يوم الثلاثاء الماضي من ألمانيا حيث إنه ذهب إلى هناك للفحوصات الطبية المعتادة ولكن لا راد لقضاء الله وقدره (وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ)، كما تشهد بذلك تلك الجموع الغفيرة التي توافدت على مسجد الراجحي للصلاة عليه والدعاء له بعد صلاة الجمعة ومن ثم تشييعه إلى مقبرة النسيم حيث دفن هناك سائلاً الله سبحانه وتعالى أن يجعل قبره روضة من رياض الجنة وأن يحشره مع الصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا.
اللهم أسكنه الفردوس الأعلى وبدله داراً خيراً من داره ووفق أبناءه وبناته وزوجه للسير عل خطاه بعد رحيله بالقيام بأعمال البر ومساعدة المحتاجين والمعوزين ومن كان - رحمه الله - يمد لهم يد العون والمساعدة.
ختاماً أتوجه بصادق العزاء والمواساة إلى زوجه ورفيقة دربه أم سامي ووالدها الشيخ الجليل وإلى أبناء الفقيد سامي، أحمد، وليد، بدر، نجيب، وبناته الكريمات وإلى أخيه ناصر ورفيق دربه ابن عمه ناصر الهريش وإلى كل عائلة الهريش وصديقه الصدوق سليمان بن محمد المقبل وإلى كل محبيه ومعارفه. (إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ ).