أن تهبط من سيارتك إلى سوبر ماركت وأنت متعجّل، تاركاً المفتاح في وضع التشغيل، فيأتي أحد لصوص السيارات، وينطلق بها هارباً، فذلك أمر منطقي، وربما أنت تستحق ذلك بسبب إهمالك، وكما علّمونا «المال السايب عرضة للسرقة»!
أن تترك أبواب سيارتك مفتوحة، ويأتي من يتفنن بتشغيلها بطرق غير مشروعة ويهرب بها، فذلك يبدو منطقياً، ويحدث أحياناً!
أن تركن سيارتك بجوار سور بيتك، ولا تدخلها لأنك لا تملك باب كراج إليكترونيا، وحين تخرج في الصباح لا تجد السيارة؛ لأن هناك لصوصا هشّموا الزجاج وسرقوها، أو حتى حملوها فوق سيارة «سطحة» وأخفوها في إحدى الاستراحات، وقاموا ببيعها قطعة قطعة، كقطع غيار، فذلك ممكن ونسمع به أحياناً!
لكن من غير المعقول، ولا المنطقي، أن تذهب بسيارة فخمة، دفعت فيها «دم قلبك» حتى تمتلكها، وتسعد بها أطفالك ونفسك، وتقوم بكل اختيارك وموافقتك بتسليمها إلى ورشة الوكيل أو الموزّع المعتمد بغرض إجراء الصيانة الدورية المعتادة، وفي اليوم التالي وقبل موعد تسليمها لك بساعات قليلة، يأتيك اتصال هاتفي، ويجري معك الحوار الآتي:
- مرحبا.. الأخ سليمان.
* نعم.
- معك شركة (...)، أحببنا أن نخبرك بأن ابنك جاء واستلم سيارتك!
* ابني؟ أي ابن يا خوي؟ ما عندي ابن يسوق سيارة!
وبعد أن تهبَّ مذعوراً، وتلبس ثوبك وشماغك، صاعداً أول سيارة أجرة في طريقك، وأنت في ذهول وحيرة، حتى تصل مقر الورشة، وتعرف الكارثة:
- سيارتك جاء واحد واستلمها!!!
هكذا بكل بساطة، كيف استطاع أن يستلم سيارتك وورقة استلامها تنام في جيبك العلوي حتى الآن، وبعد مرور شهر كامل من الكارثة؟ كيف استطاع استلامها دون أن يدفع ريالاً واحداً مقابل أجور الصيانة الدورية؟ كيف مرّت هذه الحادثة من أمام الفني ومهندس الاستقبال وأمين الصندوق ومأمور البوابة الخارجية و...و... إلخ؟
في البداية طلبوا منك ألا تبلّغ الشرطة لبحث الأمر ودّياً، وربما تعويضك، وبعد انتظار أبلغوك بأنهم قد يعوضونك نصف قيمة السيارة، وبعد أن رفضت جاء التحدي صارخاً: لن نعوضك قرشاً، وأعلى ما في خيلك اركبه!!
هكذا ركبت خيلك (لأنك لم تعد تملك سيارة للأسف) ورحت تركض في كل الأنحاء، محفوفاً بالصهيل، من الورشة إلى الشرطة، ومنها إلى المحكمة، وقد تستعيد حقك ويتم تعويضك عن سيارتك، لكن ماذا عن الأذى النفسي والمراجعات والتعقيبات والانتظار الطويل لأشهر من فقدان السيارة؟ مَنْ سيعوضك عنه؟ ولماذا لا تعاقَب هذه الورشة أو الوكيل أو الموزع المعتمد بالإغلاق والغرامة؟ لماذا لا تقوم الشركة الأصل باتخاذ موقف منه؛ لأن ذلك يضر بسمعة الشركة وماركة السيارة نفسها؟
أكاد أجزم بأن الشركة المنتجة للسيارة لو علمت بالأمر لقامت بتعويض فوري لمالك السيارة، بسيارة أكثر فخامة من سيارته، وتوسلت إليه ألا يثير الأمر لدى الرأي العام والصحافة والإعلام، مقابل إلغاء التوكيل وسحبه فوراً، حتى لا يسيء إليها.
ولو كنتُ مكان الوكيل أو الموزع المعتمد لقمت فوراً بتعويض المواطن بسيارة جديدة بدلا من سيارته المسروقة من ورشتي، وطالبت بفتح تحقيق رسمي مع جميع العاملين لديّ حتى أصل إلى الحقيقة، لكنني أشعر بأن في الأمر سرّا كبيرا، أو أن الوكيل يؤمن بالمقولة التي كان عبدالله السدحان يرددها:
«أقول! ردّد يالييييييييييييل ما أطولك!».