في إطار البحث عن الهيمنة الخططية لجأت المنتخبات الكبرى وبعض الفرق الصاعدة للاعتماد على الهجمات المرتدة في طريقها للوصول إلى دور الثمانية في كأس العالم لكرة القدم المقامة حالياً بجنوب إفريقيا. وستشهد الجولة المقبلة بعض المواجهات المرتقبة والمثيرة مثل الأرجنتين مع ألمانيا وهولندا مع البرازيل كما أن الجماهير المحايدة ستتطلع لمشاهدة ما ستفعله أوروجواي وغانا أمل إفريقيا أو باراجواي التي بلغت دور الثمانية في كأس العالم للمرة الأولى في تاريخها. وحجزت إسبانيا مكانها في دور الثمانية بعد فوزها 1- صفر على جارتها البرتغال، بينما تغلبت باراجواي على اليابان بركلات الترجيح في المباراة الوحيدة التي انتهت بالتعادل بدون أهداف في دور الستة عشر للبطولة الحالية. وبعد 48 مباراة في دور المجموعات وصل معدل التسجيل إلى ما يزيد بقليل على هدفين في اللقاء الواحد لكنه ارتفع إلى أقل من ثلاثة أهداف بقليل في ثماني مباريات بدور الستة عشر. وشهد دور الستة عشر أخطاء تحكيمية فادحة وخاصة ما حدث لمنتخبي إنجلترا والمكسيك اللذين ودعا البطولة وهو ما أثار الجدل مرة أخرى وأدى إلى مطالبات بالاستعانة بتقنية مراقبة خطوط المرمى. وقدم السويسري سيب بلاتر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) اعتذاراً نادراً عمّا حدث. وبعد مفاجآت دور المجموعات وخروج فرنسا وصيفة بطلة العالم وإيطاليا حاملة اللقب سارت نتائج مباريات الدور الثاني وفقاً للمنطق إلى حد كبير. وتألقت البرازيل التي تتطلع للفوز باللقب في قارة خامسة بشكل لافت للنظر في المباراة التي فازت فيها 3- صفر على تشيلي بعدما استسلم الفريق الخاسر تماماً أمام بطلة العالم خمس مرات سابقة. ومع الدفاع القوي والهجوم الخاطف وإتقان الهجمات المرتدة تحت قيادة المدرب دونجا أجهزت البرازيل على تشيلي التي دفعت ثمناً غالياً لجرأتها الزائدة في مواجهة نجوم بطلة العالم السابقة. وتعاون روبينيو وكاكا في هجمة سريعة متقنة لتصل الكرة إلى لويس فالبيانو الذي أودع الكرة في الشباك مسجلاً الهدف الثاني للبرازيل ببراعة في مرمى تشيلي. وكتب توستاو الفائز بكأس العالم 1970 مع البرازيل في إحدى الصحف مؤخراً «البرازيل التي كانت دائماً تشتهر بكرة القدم الهجومية أصبحت معروفة بالدفاع والهجمات المرتدة القوية». وأضاف «كرة القدم البرازيلية التي كانت تنال الإعجاب في كافة أنحاء العالم بسبب لمستها والتمريرات المتبادلة والسيطرة على مجريات اللعب ليست موجودة حالياً. الطريقة تعتمد الآن على الرقابة اللصيقة والهجمات المرتدة المنظمة ببراعة». لكن الهجمات المرتدة لألمانيا كانت أكثر تأثيراً رغم أنها نالت بعض المساعدة من الدفاع المهتز لإنجلترا. وسجل توماس مولر هدفين في ثلاث دقائق لتعزّز ألمانيا تقدمها وتفوز 4-1 على إنجلترا التي فشلت في الارتداد سريعاً في مناسبتين عندما فقدت الكرة في منطقة جزاء الفريق المنافس. وبعد ثوان في المرتين وجدت إنجلترا الكرة في شباكها عقب الانطلاقات الهجومية القوية للاعبي ألمانيا الشبان. وبدت هولندا الأكثر سيطرة على مجريات اللعب أمام سلوفاكيا لكنها أيضاً حسمت الأمور لصالحها بفضل الهجوم المرتد. وأرسل ويسلي سنايدر تمريرة طويلة من مسافة 60 متراً إلى ارين روبن الذي شق طريقه إلى الداخل ليفتتح التسجيل لهولندا ممهداً الطريق لفوزها 2-1 على سلوفاكيا. كما أحرزت الأرجنتين وأوروجواي وغانا أهدافاً حاسمة من الهجوم المرتد ورغم أن إسبانيا تمسكت بطريقتها المعتادة في تبادل التمريرات السلسة والضغط على المنافس إلا أن الهجمات المرتدة أصبحت سمة البطولة الحالية. وقال فرانك دي بور مدافع هولندا السابق الذي يشغل حالياً منصب مساعد مدرب المنتخب «في المعتاد يشاهد المرء المنتخبات الأقوى وهي تضغط لكن هنا يجد البرازيل وألمانيا أيضاً وهي تتراجع قليلاً في البداية في انتظار هذا الخطأ الوحيد». وأضاف «ثم ينطلق اثنان أو ثلاثة لاعبين سريعاً للغاية مثلنا مع سنايدر الذي يمكن للفريق أن يمنحه الكرة. في الوقت الحالي لا تتاح للمرء مثل هذه المساحة الكبيرة لذلك يجب عليه أن يصنع هذه المساحة بنفسه». وتابع «تمريرة خاطئة قد تكلف غالياً وخاصة مع البرازيل وإذا فقد الفريق الكرة في منتصف الملعب فإن الأمر يصبح مثل الانتحار».