يقول لي صديق، إنه يطلق مسمى (المطيار) على صغار الطيور التي يخطفها حين كان صغيراً من غبّ شجرة الأثل، أما أن يكون اسماً لنوع جديد من أنواع الزواج التي بدأ العرب يتقنون التفنن بها، إلى درجة أن أصبحت تضاهي قائمة مطعم خمس نجوم!
فإذا كان زواج المسفار هو الذي يسافر فيه اثنان معاً بهدف الزواج خلال رحلة سفر، والزواج السياحي يرتبط بسفر الرجل أو المرأة بحثاً عن شريك متعة لأيام أو لأسابيع، فهل (المطيار)، ما لم يكن طيراً صغيراً عاري الريش، هو زواج مؤقت خلال رحلة الطائرة، يا ساتر! يعني ثلاث عشرة ساعة مثلاً؟ معقول؟!
ما يقلق من أنواع هذه الزيجات غير الرسمية، التي يمارسها السعوديون في الخارج، هو آثارها المستقبلية من ترك زوجات معلّقات، وأطفال ضائعين بين جنسيات آباء هاربين، وبين زوجات لا يملكن سوى أوراق زواج عرفي غير موثّق في بلدانهن، فيفوت على هؤلاء الأبرياء تسجيلهم رسمياً، والتحاقهم بالمدارس النظامية، كي يقضوا العمر وأمهاتهم في الركض بين مكاتب المحاماة وبين السفارات السعودية في هذه البلدان، التي يأتي في مقدمتها مصر وسوريا والمغرب واليمن والبحرين والكويت.
صحيح أن مبادرة وزارة الداخلية في إصدار تعميم لإمارات المناطق بملاحقة هؤلاء الآباء الهاربين هي أمر حسن، وصحيح أنها خطوة أولى واعتراف مبدئي بحجم المشكلة التي يعاني منها المسؤولون في سفارات السعودية في هذه البلدان، وأنها أصبحت ظاهرة مؤرقة، ولكن مجرّد التعميم لا يكفي، بل لابد من معالجة جذر المشكلة في زواج السعودي من أجنبية، أو زواج السعودية من أجنبي، وآلية الحصول على موافقة أو إذن بالزواج، إضافة إلى التحرّي عن هؤلاء الآباء الهاربين، أو الأبناء المفقودين في ضجيج هذه المدن العربية الكبيرة، فليس من المنطقي أن يبقى ما يقارب 1822 فرداً سعودياً، يشكّلون 598 عائلة سعودية، في حالة ضياع وشتات بين أصل أو جنسية مفقودة، وبين بلد معاش فيه، لكنه لا يرحم.
المحزن في الأمر، أن هذه الأرقام المسجلة فعلاً، بخلاف ما لم يسجل حتى الآن، والمؤرق أيضاً أن تمارس بعض فتيات هذه العائلات الضائعة، الدور نفسه الذي مارسته أمها، لتبحث عن رجل سعودي شهم ترتبط به، يعوّضها عن خيانة أبيها الهارب، فينصفها من حالة ضياع تسبب بها رجل كهل عابر، مارس متعة مؤقتة ثم اختفى!
لا أعرف كيف ستعمل جمعية أواصر التي تسجل كل هذه الزيجات، وكل هؤلاء الأطفال الضائعين، وهي تقوم بتحديث بيانات الأسر، وتسجيل الأسر الجديدة، وكيف ستقف أمام هذه الظاهرة التي بدأت تنمو وتكبر ككرة الثلج، دونما حل جذري وحاسم، ولا أعرف كم سيضاف في بيانات هذه الجمعية من عائلات جديدة، قد تتشكل خلال هذا الصيف بفعل نزوة عابرة؟!
كل ما علينا فعله، هو أن ننتظر نتيجة دراسة مقدمة لمجلس الشورى تتناول تنظيم زواج السعوديين من الأجنبيات، أو السعوديات من الأجانب، وتقنين ذلك وفق نظام له شروط وقواعد وعقوبات محددة، كي يطير المسافر السعودي بهدف السياحة فعلاً، لا الركض خلف (المسفار) أو (المطيار)، أعني الزواج العابر، وليس صغار الطيور!