أحسنت الدولة صنعاً في توزيع العديد من الجامعات المصغرة حجماً والكبيرة فعلاً، وكذلك الكليات على معظم مناطق المملكة جنوبها وشمالها، شرقها وغربها ووسطها، وهذا توجه صائب مفيد للأجيال وللوطن في الحاضر والمستقبل وهذه قفزة نوعية بالمسألة التعليمية ونظرة إستراتيجية تستحق التقدير والاهتمام، إلا أننا نلاحظ أنه قد انتشرت أيضاً في الفترة التي سبقت مرحلة الجامعات الريفية إن - صح التعبير - ما يسمى بكليات التقنية التي يمنح المتخرج منها دبلوم إدارة مكتبية ودبلوم إنتاج فني، وهي في الحقيقة لا تفي بمتطلبات المملكة في هذا المجال ولا تفيد الشباب السعودي في المجال الوظيفي، فلو أنها طوّرت مثل هذه الأفكار إلى أن تصبح كليات تمنح الشهادة الجامعية لاستفاد الوطن والمواطن على حد سواء. إننا نطالب وزارة العمل ومؤسسة التعليم الفني أن تكون نظرتهم عليا ومستقبلية إلى حاجات بلادنا المختلفة في سوق العمل.
إن البلد وشبابها في حاجة إلى تأسيس عمل مثمر يستحق الصرف والبذل عليه لإنتاج عمل أكاديمي يمنح الشاب الطمأنينة والاستقرار العملي والنفسي بتوفير شهادة جامعية ويدفع بالعمل الوطني إلى درجة من الثقة في النفس، ثم ولماذا تخسر الدولة المال على مثل هذا الدبلوم وفي الإمكان إيجاد أحسن منه؟! لماذا لا نبحث مثل هذا المقترح والتأسيس له والعمل على مثل ما هو موجود في معظم دول العالم.
إنني أهيب بمن يملك القرار في هذا الشأن أن ينوّرنا عن هذا التوجه، سواء كان وزارة التعليم العالي أو وزارة العمل أو مؤسسة التعليم الفني، أما الفائدة فهي إن شاء الله حاصلة وأقصد بها أن تخرج هذه الكليات إذا طورت إلى نظام جامعات عدداً من الصنّاع وأصحاب المهن المختلفة الذين لا شك أن البلاد في أمسّ الحاجة إليهم ولسنا في حاجة إلى إعادة ذلك الكلام المكرر عن العمالة وسوق العمل لدينا، فالجميع قد حفظ وعرف ذلك السرد المتكرر الدائم عن هذه المشكلة قبل إنشاء (طيبة الذكر) المراكز المهنية التي لا أحد يعلم فائدتها حتى هذه اللحظة وفكرة أن تتحول كليات التقنية كما ذكرت إلى جامعات فائدة مزدوجة تفيد شباب بلادنا بمنحهم شهادة جامعية - بعد العمل على معادلتها عندنا كما يتم ذلك في الخارج - إننا بذلك نقدم نوعاً من التعليم الراقي المطلوب والمقبول داخل بلادنا وخارجها وسوف يكون ذلك مواكباً للتعليم المماثل في العالم.