العبارة التي تساءل فيها بطل إحدى روايات الروائية أحلام مستغنمي باعتباره مصوراً اشتهر بعد فوزه بجائزة أفضل صورة كما جاء في سياق الرواية عن أيهما أهم في نظر الطرف الثاني من الحوار (هو كمصور مشهور أم الصورة..؟) استعاد لذاكرتي كثيراً من التساؤلات التي تتردد على ألسنة الفنانين والجمهور (الذواق) على حد سواء كيف ينصف المتلقي الفنان حينما يعجب الآخرين بأعماله وماذا يتبقى للفنان من حق (وأعني هنا الفنان التشكيلي) بعد اقتناء إبداعه رسما كان أو نحت، وهل للفنان دور في تسويق هذا الإبداع أو أنه بحاجة لمدير أعمال أسوة ببعض الفنانين خصوصاً المشاهير من مطربين وممثلين.
أما السؤال الأهم فهو لماذا يبحث بعض الفنانين عن الشهرة على حساب إبداعهم مع أن كثيراً من أعمالهم لا تستحق هذا البحث والعناء وإحراج الصحفيين ومذيعي التلفزة التي يسعى أولئك الفنانين لجذبها لهم كما يشاهد في كثير من المعارض والشواهد والمواقف كثيرة.
لنعد إلى أسئلتنا السابقة ونبدؤها بسؤال بطل الرواية (هل الأهم الفنان أم العمل الفني) والحقيقة المؤسفة أن كلاً منهم يكمل الآخر فالمقتني يحرص على العمل الجيد كما يحرص أيضاً على الفنان ذي الشهرة أو الانتشار فالعمل الفني منوط بالاسم ومرتبط به فكلما كان الاسم معروفاً ومشهوراً كلما أضفى على جودة العمل أهمية، مع أن هذا الجمع بين الطرفين قد يضلل المقتنين لعدم المصداقية في جانب كيفية حصول هؤلاء على الشهرة، فقد تقتني أعمالاً لم تحقق إلا اليسير من شروط الاكتمال الموضوعي والتقني نتيجة ما يتمتع به أصحابها من شهرة إعلامية (غير شرعية) منحت لهم بطرق ملتوية، لكننا نجد أيضا أن هناك من يبحث عن العمل المتميز المحقق لرغبته والمنسجم مع ما يمتلكه من وعي فني وثقافة بصرية دون النظر لاسم الفنان أو ما يمتلكه من سمعة وشهرة في هذا المجال وهناك الكثير من الشواهد التي يؤكدها ما يتحقق للشباب التشكيليين من إقبال على أعمالهم رغم ضالة شهرتهم أمام غيرهم من الفنانين المعروفين سلفاً.
أما عن جانب تسويق الفنان لأعماله وأهمية وجود مدير لها فالأمر يتوقف على حجم الطلب الذي يتلقاه والمشاريع التي يكلف بتنفيذها وهذا بالطبع لا يشمل كل الفنانين وإن وجد فهو لفترة محددة تتوقف بعدها الحاجة لهذا المدير أو المسوق للوحات خصوصاً في منطقتنا العربية التي لا زالت النظرة فيها للفن التشكيلي لا تتعدى اعتباره وسيلة ترفيه وهواية وأن الأعمال الأجنبية أكثر عراقة وأهمية وقيمة فنية مع أن هذا التصور خاطئ وضع الفنان التشكيلي المحلي في آخر اهتمامات المجتمع والجهات المعنية بالثقافة والفنون.
monif@hotmail.com