أنا لا أحب الذين يحبونني.. أحب الذين أحبهم.. ولا أحب الذين ينتظرونني.. أحب الذين افني عمري في انتظارهم.. أكره الظل لأنه يلاحقني ويركض خلفي كلما هربت منه... واحب الرعد والبرق لأنه يخيفني وهو بعيد عني وأموت شوقاً للمطر لأنه يبلل اعماقي بالحكايا الدافئة ثم يرحل!!

هكذا هي.. ترى أن الحب بعيداً عن التقليدية والتعايش مشروع ناجح حد اليقين.. ونكتفي نحن حينما نمارس الحب بالعقل فالقلب ليس مربط الفرس فهو كثير الأزمات مملوء بالندوب تتحاشر فيه الاشخاص والأحداث حتى يضيقوا علينا الخناق.. هكذا نحن نسعى للعقل لأننا نرقب الأشخاص من الاعلى ولا نحني رؤوسنا من أجل العاطفة.. ولاننا مجبولون على الخصوصية ونقدس الاسرار نرى حب عقولنا سرا نجاهر بالحفاظ عليه!!!

وكأن علاقة العقل مع القلب علاقة كروية لا يهم من تقع الكرة في ملعبه فنحن في النهاية نحرس شباكا واحدة..!! قالت لي قارئة الكف ذات مساء: قد تتحقق احلامك ولكن بعدها لن يطول البقاء.. ظل هذا الهاجس يتدفق مع دمي حتى وجدت نفسي احرس شباكها من ركلاتي لئلا تتحقق الأحلام!!! مدينة أنا لهذا الجرح النازف في اعماقي.. يقتل الرغبة في البقاء ويقتل الرغبة في الرحيل ويسافر بي على متن السراب... ويهبط بي في صالة انتظارها.. أرقب النجمات من شباك صغير واحاول أن استرق السمع.. علها تشي لي إحداهن بما هو قادم.. وحينما تحجب النجمات السمع عنا.. نتنطع علواً بأن: كذب العرافون ولو صدقوا.. ما علمت يوماً انه يمكن أن يكون الإنسان سجين نفسه وسجين الحنين إلا حينما عرفت أن في أعماقي شجرة فارعة الطول لا تظمى ولا تضحي.

غريب إحساسي بك.. يشبه الندى.. كلما تلاشى من ذاكرة التاريخ امطرته السماء برذاذ المطر وبللت اعماق احساس ينبضه وجودك وحنين لا يرتبط بحضورك أو الغياب.. لا يمكن ان تتشابه هذه المتناقضات الا في قلب يزرعها واحدة وتنبت سبع سنابل ولا يحتفظ بالعجاف.. من أجلك لا يقتلني غيابك فهو في أعماقي حضور لا يضاهيه حضور وشعور مترف فلسفته عنابر السهر التي تقضي ليلها تحرس مكانك حتى تعودين.. تشبه هذه العلاقة ينبوعا يتدفق من سفوح الجبال لم يجتهد الناس لإخراجه.. هو من شق الجبل وهو كالطود العظيم كلما وضعنا اصابعنا في فمه ازداد تدفقاً وعذوبة وشيئاً يشبه السلسبيل!!!

يبقى أن أردم الجداول التي يحفرها ينبوعك العرم لئلا تكون حقاً مشاعا يتآمر الناس على سلبها ويتآمر الناس على الصميم..!!

يبقى أن اصف لك شعوراً أكثر تفاصيل.. كلما عانقتكِ روحي وآويتك إلى صدري تسربت ينابيعك العذبة لتبلل جسدي... واستنشقتك حلاوة... وتذوقتك حنيناً..!!