لم يكن التطور التقني الهائل بثورته المعلوماتية والاتصالية العارمة قد غزا عالمنا بعد، ولم تكن الكوادر البشرية المؤهلة قد اكتملت بعد، إذ كان العلماء والمؤهلون والخريجون يعدّون على الأصابع وذلك في منتصف القرن المنصرم.. وعندما افتتحت محطة تلفزيون الرياض في الستينات من ذلك القرن كحدث إعلامي متميز، تقاطر للعمل فيها من المواطنين الذين وجدوا في أنفسهم الكفاءة وكانوا نخبة قليلة آنذاك، لكنها قدمت الكثير وأضفت على معالم محطة تلفزيون الرياض وميضاً لم ينطفئ.. ومن أبرز تلك النخبة كان ذلك الشاب الذي تميّز بفصاحته وتمكنه الواضح من إجادة قراءة النشرة الإخبارية وبنبرته المتميزة، ذلك الشاب آنذاك هو المذيع فهد يعقوب الهاجري الذي ولد في الخرمة وقدم إلى الرياض وهو فتى يافع ليتلقى علومه فيها وينهل من فيض دور العلم المتاحة آنذاك، فتلقى علوم الآداب من جامعة الإمام وحصل على درجة البكالوريوس في اللغة العربية، ثم أتم بعدها دراسته العليا ليخدم مجال الإعلام لسنين طويلة تعّدت الأربعة عقود من الزمن، فأبدع ونال شهرة عالية وسمعة طيبة، ومثل المملكة إعلامياً في عدّة بلدان عربية وأجنبية فكان خير ممثل لها، لم يكن ذلك الرجل مبدعاً في مجال تخصصه فحسب، بل كان مبدعاً رائعاً في علاقاته مع الآخرين وفي حبه للوطن وتفانيه من أجله، كان فهد الهاجري كما وصفه كل من عرفه أو تعامل معه، رجلاً عصامياً نظيف الضمير يخاف الله ويحب الناس..
كل الناس ويمجد الوطن الذي خدمه بكل ما أوتي من علوم ومعارف ومهارات.. بل وربى أولاده على نهجه، فأعدهم مواطنين صالحين وجنّدهم لخدمة هذا البلد الأمين.
بعد ذلك العطاء الهائل المتميز بالجودة التي ينادي بها الجميع في يومنا هذا.. ألا يستحق هذا الرجل لمسة حنان وعرفان لا سيما وأنّ فهد الهاجري يصارع المرض منذ أشهر عديدة ويرقد في مستشفى الحرس الوطني، وخضع لعشرين عملية جراحية، ومازال ينقل من مبضع جراح إلى آخر.
أما يستحق الرعاية الإنسانية الفائقة من كل المسؤولين في هذا الوطن المعطاء.. أما يستحق العطاء المعنوي الإنساني الذي يليق به وينسجم مع عطاءاته؟.
أسأل الله أن يمنّ على أخينا الإعلامي فهد يعقوب الهاجري بالشفاء، وأن يحيطه بعنايته العظيمة.