في تحايل مكشوف على ثوابت الدِّين، كتبت نادين البدير - مقالا - بعنوان: (أنا وأزواجي الأربعة)، نشر في إحدى الصحف العربية، تتحدث فيه عن تعدد الأزواج، ودعت من خلاله إلى تعدد الأزواج، ردا على تعدد الزوجات الذي كفله الشرع ولا سيما أن الأمر ليس بغريب على الإنسانية، والدليل: أن بعض قبائل (التبت) و (إفريقيا) ما زالت تمارسه حتى اليوم. بل إن ممارسة تعدد الزوجات يفرغ اتفاقية (سيداو) الدولية من مضمونها، التي تقتضي المساواة بين المرأة والرجل. وطالبت بأبعد من ذلك: بأن يشرعوا قانونا وضعيا، أو يفسروا نصا سماويا؛ ليصنعوا بندا جديدا ضمن بنود الفتاوى والنزوات، يبيح هذا الحق للمرأة؛ فتعرضت الكاتبة لحملة انتقادات عنيفة، اتهمتها بالخروج عن ثوابت الإسلام، والترويج للفحشاء، والتشجيع على الفجور؛ لأن ما دعت إليه مخالف للأديان السماوية، والقوانين الوضعية، والأعراف المعتبرة، إضافة إلى مخالفته ميثاق الشرف الصحفي.
ويبدو أن الإخوة في مسلسل (طاش ما طاش)، نشطوا في تصوير إحدى حلقاته، اقتباسا من فكرة - مقال - نادين البدير، وأصروا على أن يكونوا داعين لتلك الفكرة، بعد أن سربت تلك المشاهد أمام الرأي العام. واستطاعوا أن يحوزوا قصب السبق من مسلسل تلفزيوني جديد، من المفترض أن تقوم ببطولته - الممثلة المصرية - غادة عبد الرزاق، الذي يتناول قصة امرأة متزوجة من أربعة رجال، وتسعى للارتباط بالرجل الخامس.
على أي حال، فقد تناقلت مواقع ومنتديات على الشبكة العالمية - هذه الأيام - حلقة بمسلسل (طاش ما طاش) لهذا العام بعنوان: (تعدد الأزواج)، تضمنت مشاهد مليئة بالإيحاءات غير الأخلاقية، التي تخالف الفطرة السوية، إضافة إلى الاستخفاف بالأحكام الشرعية.
وتدور فكرة الحلقة حول امرأة تسأم من زوجها، كونه غير مرتب، وغير مهتم بنفسه؛ لتعلنها له صريحة بأنها تريد الزواج عليه بزوج ثان - وهكذا - الثالث والرابع والخامس، بعد تطليق أحدهم بالقرعة، وتتوالى المشاهد في الحلقة بإظهار المرأة على أنها هي الرجل.
إن التجرؤ على الدخول في مناطق محظورة باسم حرية التعبير، والاعتراض على شيء من ثوابت الدين، والعدول بها إلى غير حقائقها، ووضعها في غير سياقاتها الشرعية. ومثله محاولة السعي إلى النيل من ثوابت المجتمع، والمساس بالتزاماته تجاه مرجعيته العليا، يمثل مخالفة واضحة، وصريحة للشريعة الإسلامية.
عتاب رقيق، يبوح بما في الوجدان من أحاسيس وأشجان، أوجهه للإخوة في مسلسل (طاش ما طاش): كثيرة هي القضايا التي يمكن طرحها والتطرق إليها من أجل المجتمع وتطوير قيمه. إذ إن الفن مهارة، تتعلق بالذوق والوجدان. ويظل وسيلة؛ لتحقيق غاية أسمى، يخاطب من خلالها العقول لا الشهوات، ويدعو إلى عالم مفعم بالحب والإنسانية، ويزيح عن العيون غشاوة الظلام؛ للترويح عن النفس البشرية، وإعانتها على تكاليفها الدينية والدنيوية، دون أن تقترن مجالسها بمحرم، أو مكروه. فإذا خالفت هذه الوسيلة ثوابت الشريعة، أو قصرت عن تحقيق تلك الغاية، فلا يصح - حينئذ - الإتيان بها؛ لذا فإن تطبيع هذه الفكرة في صورة مشهد تمثيلي، بات غير مقبول، وهي تجربة منسوخة تبرق لهؤلاء أحلاما، لكنها لا تمطر.
drsasq@gmail.com