كنا نستبدل الصمت بالصوت، والدعاء بالبكاء، وكنا نعلم ونعلم أنه يعلم؛ فالمنية إرادة الله؛ له وحده توقيتها، لكن المؤشرات لم تكن مبشرات، وكنا -كما شيخه أبي الطيب- نفزع بالأمل لنكذب؛ فما كان القصيبي واحداً بل أمة، وليس بناءً بل هو هرم، وفي زمن الفقد والوجد لا يغيب فرد، بل تغيب معطيات وعطاءات.
بالأمس انفردت «الجزيرة» بخبر كتابه الأخير، وكان صاحبكم -وهو يقرؤه مسوّداً بخط يده و»ببوك رسائل متواضع»- يقرأ في بطل «الأقصوصة» الذي أسماه: (يعقوب العريان) غازياً بثقافته ورؤاه ومواقفه وشموليته، حتى إذا بلغ «مخرج» الحكاية مات البطل؛ فهل كان هذا رثاءً جديداً للذات؟
ربما؛ ف»حديقة الغروب والسبعون ومواسم والزهايمر وسواها» أحاسيس الموت تدنو به من الأجل؛ ولم يكن ينتظر البكائين عليه ليندبوا؛ فقرأ خاتمته كما شاءها واقفاً شامخاً غير آبهٍ بيأس الطب وتقدير الأطباء.
رحم الله «الاستثناء»؛ فقد ملأ الدنيا حيَّاً وسيشغلها ميتاً؛ فأمثاله باقون؛ أليس من صنَّاع التاريخ!
* للموت حكاية لا تكتمل.