.. وكأنه كان يقرأ الرحيل منذ ذلك الحين (الأحد 14 ربيع الآخر 1426هـ - 22 مايو 2005م العدد 11924) حينما أعلن الرثاء.. فامتلأت الدنيا واشتعلت الصفحات.. انتقلت هذه (الحديقة الرثائية من (الجزيرة) إلى معظم الصحف المحلية والعربية..
|
فكان الإجماع بصوت القلب الواحد:
|
وإن مضيت.. فقولي: لم يكن بطلاً لكنه لم يقبل جبهة العار.
|
|
مضى بطلاً.. وبقي علماً وعملاً.. وسيمتد أثراً..
|
|
خمسٌ وستُونَ.. في أجفان إعصارِ |
أما سئمتَ ارتحالاً أيّها الساري؟ |
أما مللتَ من الأسفارِ.. ما هدأت |
إلا وألقتك في وعثاءِ أسفار؟ |
أما تَعِبتَ من الأعداءِ.. مَا برحوا |
يحاورونكَ بالكبريتِ والنارِ |
والصحبُ؟ أين رفاقُ العمرِ؟ هل بَقِيَتْ |
سوى ثُمالةِ أيامٍ.. وتذكارِ |
بلى! اكتفيتُ.. وأضناني السرى! وشكا |
قلبي العناءَ!... ولكن تلك أقداري |
|
أيا رفيقةَ دربي!.. لو لديّ سوى |
عمري.. لقلتُ: فدى عينيكِ أعماري |
أحببتني.. وشبابي في فتوّتهِ |
وما تغيّرتِ.. والأوجاعُ سُمّاري |
منحتني من كنوز الحُبّ.. أَنفَسها |
وكنتُ لولا نداكِ الجائعَ العاري |
ماذا أقولُ؟ وددتُ البحرَ قافيتي |
والغيم محبرتي.. والأفقَ أشعاري |
إنْ ساءلوكِ فقولي: كان يعشقني |
بكلِّ ما فيهِ من عُنفٍ.. وإصرار |
وكان يأوي إلى قلبي.. ويسكنه |
وكان يحمل في أضلاعهِ داري |
وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكنْ بَطَلاً |
لكنه لم يقبّل جبهةَ العارِ |
|
وأنتِ!.. يا بنت فجرٍ في تنفّسه |
ما في الأنوثة.. من سحرٍ وأسرارِ |
ماذا تريدين مني؟! إنَّني شَبَحٌ |
يهيمُ ما بين أغلالٍ.. وأسوارِ |
هذي حديقة عمري في الغروب.. كما |
رأيتِ... مرعى خريفٍ جائعٍ ضارِ |
الطيرُ هَاجَرَ.. والأغصانُ شاحبةٌ |
والوردُ أطرقَ يبكي عهد آذارِ |
لا تتبعيني! دعيني!.. واقرئي كتبي |
فبين أوراقِها تلقاكِ أخباري |
وإنْ مضيتُ.. فقولي: لم يكن بطلاً |
وكان يمزجُ أطواراً بأطوارِ |
|
ويا بلاداً نذرت العمر.. زَهرتَه |
لعزّها!... دُمتِ!... إني حان إبحاري |
تركتُ بين رمال البيد أغنيتي |
وعند شاطئكِ المسحورِ.. أسماري |
إن ساءلوكِ فقولي: لم أبعْ قلمي |
ولم أدنّس بسوق الزيف أفكاري |
وإن مضيتُ.. فقولي: لم يكن بَطَلاً |
وكان طفلي.. ومحبوبي.. وقيثاري |
|
يا عالم الغيبِ! ذنبي أنتَ تعرفُه |
وأنت تعلمُ إعلاني.. وإسراري |
وأنتَ أدرى بإيمانٍ مننتَ به |
علي.. ما خدشته كل أوزاري |
أحببتُ لقياكَ.. حسن الظن يشفع لي |
أيرتُجَى العفو إلاّ عند غفَّارِ؟ |
|
|