Al Jazirah NewsPaper Friday  20/08/2010 G Issue 13840
الجمعة 10 رمضان 1431   العدد  13840
 
تأملات في الأمر الملكي التاريخي
د. محمد أحمد الجوير

 

من نعم الله على هذه البلاد الطيبة، أن هيأ لها قادة أقوياء به، مخلصون للدين والدفاع عن حياضه، هذا هو منهج هذه الدولة منذ أن قامت على يد المؤسس غفر الله له، وخلف من بعده خلف حافظوا على كيان هذه الدولة، بحفاظهم على الدين ومؤسساته.

زف يوم الخميس المشهود الثاني من رمضان 1431هـ خبرا شنفت له الأذان، وتناقلته وكالات الأنباء، عقم الفضاء مما علقه من عبث بعض القنوات الفضائية بهذا الشهر الكريم، احتضنه جموع المسلمين بالفرح، فرحهم بحلول شهر الخير والبركات، أمر ملكي كريم تاريخي يقضي بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، اكتسب أهميته، كونه أمرا ملكياً جاء بعد نفاد صبر وحلم قائد غيور على الدين والوطن، حمل أمر وتوجيه المليك المفدى مضامين يجدر الوقوف عندها وتأملها، بعد أن قامت على أساس الدين ومصدريه الكتاب والسنة، مما أكسبه القوة والحزم. فهناك أصحاب الأفكار والفتاوى الشاذة التي بُلي بها مجتمعنا في الأونة الأخيرة وأحدثت نوعا من التشويش والبلبلة، تصدر لها من بضاعته مزجاة في العلم الشرعي، مستغلا مظهره الشخصي، يركض لهثا وراء الشهرة. يطارد وسائل الإعلام من أجل ذلك، وممن يملك آلة عرجاء في الكتابة. وكان هناك من يحذر من خطر أفكار هؤلاء وفتاوى أولئك الشاذة عن إجماع العلماء ونترقب اليوم الذي يوضع فيه حد لهذه المهاترات والفتاوى الشاذة بعد أن اتسع الخرق على الراقع وركب الجواد غير فارسه، حتى جاء يوم الخميس الذي فرجت فيه المحن، وصفدت فيه أبواب الفتن كتصفيد مردة الشياطين في هذا الشهر الكريم، صدر الأمر الملكي الكريم الموجه لسماحة المفتي والجهات المختصة والقاضي بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء، يا له من أمر ملكي أعاد الأمور إلى نصابها، كيف لا! وهذه البلاد مأزر الإسلام ومحط أنظار المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. في قراءة خاطفة لمضامين الأمر الملكي التاريخي الخاص بتنظيم الفتوى وقصرها على هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، هنا عدة وقفات:

الوقفة الأولى: اختيار الوقت المناسب لهذا الأمر الملكي، مع إطلالة الشهر الكريم، أسعد أكثر من مليار ونصف المليار مسلم، كونه صدر من زعيم أمة، خادم الحرمين الشريفين، من منطلق غيرته على دين الله، وقد توشح التوجيه الكريم بوشاح الدين القويم بأدلته الشرعية التي قام عليها.

الوقفة الثانية: بإيمانه القوي وتوكله على خالقه، وأد الملك الصالح الفتنة التي أطلت برأسها وكادت تعصف بالمجتمع، نتيجة صدور بعض الفتاوى الشاذة من بعض المتشيخين، الذين أحرجوا هذه البلاد ومؤسساتها الدينية.

الوقفة الثالثة: هذا الأمر الملكي أعاد للعلماء المعتبرين والمؤسسات الدينية الرسمية هيبتها، بعد أن نالها ما نالها من النقد والانتقاص من بعض الكتاب أصحاب الهوى.

الوقفة الرابعة: في هذا الأمر الملكي دلالة قاطعة على متابعة ولي الأمر يحفظه الله، لما يدور في المجتمع من أحداث وتفاعلات، وقد جاء في حيثيات التوجيه الكريم ما نصه (رصدنا تجاوزات لا يمكن أن نسمح بها ومن واجبنا الشرعي الوقوف إزاءها بقوة وحزم) فهذه الكلمات الملكية الصادقة، بثت مشاعر الأمن والطمأنينة من جديد في نفس المسلم بوجه عام والمواطن بشكل خاص.

الوقفة الخامسة: حيثيات التوجيه الكريم تنم عن عدم رضا الملك الصالح عن هذه الفتاوى الشاذة التي تسيئ للإسلام، وإن صدرت من متشيخين سعوديين، طالما أنها لم تصدر من عالم معتبر مخول لهذه المهمة، إذ لا اعتبار لأي فتوى تصدر عن المملكة إلا إذا جاءت من كبار العلماء فيها، وفي هذا كله طمئنة للمواطنين وللمسلمين قاطبة.

الوقفة السادسة: هذا التوجيه الكريم انطلق من إدراك المليك لخطورة الفتوى بغير علم على المجتمع بما تثيره من تشويش وبلبلة، لهذا جاء الأمر الملكي بما نصه (لا أضر على البلاد والعباد من التجرؤ على الكتاب والسنة وذلك بانتحال صفة أهل العلم والتصدر للفتوى، ودين الله ليس محلا للتباهي ومطامع الدنيا).

الوقفة السابعة: جاء التوجيه الكريم بلغة الحزم للوقوف في وجه الفتاوى الشاذة أو المتطرفة مهما كان مصدرها كائنا من كان، وعدم الرضا بأي شيء يمس الدين والوطن.

الوقفة الثامنة: هذا الأمر الملكي الكريم، يأتي في سياق الأوامر الملكية القوية التاريخية التي يسعى من خلالها الملك عبدالله، لتصحيح مسار البلاد والعباد، والتي منها الأمر الملكي الخاص في سيول جدة. إن هذا الأمر الملكي الكريم يجسد غيرة ملكية على دين الله من عبث العابثين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، وفيه حسم لموضوع الفتاوى برده إلى أهله ووضع الأمور في نصابها الصحيح، هذا هو الأمر الملكي التاريخي واضح بجلاء لا يحتاج إلى مزايدات أو تأويلات.

والمهمة الأهم تقع في الدرجة الأولى على عاتق قادة وسائل الإعلام، وخاصة المقروء منه، للوقوف بحزم في وجه أصحاب الفتاوى الشاذة، الذين اقتحموا هذا الباب غير مدركين لأهمية الفتوى وخطورتها لتفويت الفرصة عليهم لتسلم سفينة المجتمع والوطن من الخرق والاختراق وكما أن للشهرة طلابها فإن للفتيا رجالها!!



dr-al-jwair@hotmail.com

 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد