عندما التحقت ببرنامج الماجستير في التربية الفنية في جامعة الملك سعود، اطلّعت على المقررات التي كان يجب عليّ اجتيازها، فكان ما لفت نظري تكرار بعضها مع بعض المقررات التي كنت قد اجتزتها في مرحلة البكالوريوس لقسم التربية الفنية في جامعة الأميرة نورة، لكن كنت جازمة أن هذه المرة ستكون دراستي لتلك المقررات مختلفة، سيكون التعليم فيها فكري أكثر من كونه تقني أو (مهني)!
لكن الحقيقة كانت عكس ما توقعته! (وأنا هنا أتحدث عن المقررات العملية) فنحن في ذلك البرنامج كنا نتعلم نعم، لكن في حالة كان الأستاذ مجتهداً وواعياً، وليس بوجود طريقة أو تعليمات في أهمية التطوير الفكري في تلك المرحلة، وما جعلني أعتقد ذلك هو لأن دراستي لبعضها كان الاهتمام فيها مهني (في طريقة التلوين وطريقة دمج الألوان واختيارها و....) كنا قد تعلمناه منذ زمن في مرحلتنا السابقة، ما صدمني وأصابني بالملل بشكل يجعلني أمارس ما أريد وأنا لا أرى، لا أسمع، لا أتكلم!
إن الاهتمام بالتطوير الفكري يعني الاهتمام بتطوير شريحة كبيرة جداً من الناس (تطويراً فكرياً)، وفي مجال الفنون يعني تطويرها ورقيها، وبالتالي رقي الذائقة الفنية، كما أن هذا الاهتمام يولّد أساليب لها فلسفتها الخاصة المرتبطة بالبيئة المحلية، أما الاهتمام بالتقنية والتعليم المهني فيعني تطوير ذلك المتعلم فقط، إما بكسب عيشه من تلك المهنة، أو بتعليمه تلك المهنة لبعض الطلاب والفئات الساعية لنفس الهدف (كسب العيش)، ولعل هذا أحد الأسباب التي تجعل من فنوننا مقلِدة ومتأخرة فكرياً نوعاً ما. وأنا هنا لا أنكر التطوير الناتج عن الاهتمام بالبحوث والكتابات البحثية، لكن ما أتمناه هو الاهتمام بالمقررات العملية فكرياً في جميع البرامج، وليس فقط في ذلك البرنامج.