الجزيرة - حسن أمين الشقطي
مُني سوق الأسهم هذا الأسبوع بهبوط جديد خسر خلاله حوالي 120 نقطة، مايمثل حلقة جديدة من مسلسل التراجعات الذي شهده السوق مؤخرا بلا مبرر واضح أو معروف.. فرغم التحسن الواضح والملموس في سمات وخصائص بيئة الاستثمار الأجنبي بالمملكة، وحتى رغم الإنجازات التي حققتها المملكة في جذب الاستثمارات الأجنبية للعديد من القطاعات والأنشطة الإنتاجية والخدمية، والإصلاحات المتعددة والمتنوعة في سوق الأسهم نفسه، إلا أن بيئة سوق الأسهم المحلي تعد من البيئات التي لم تنجح في جذب الاستثمار الأجنبي إليها بالشكل المطلوب، ومن أكبر الدلائل على ذلك، هو انصياع مؤشر السوق حسب تراجعات وتحركات السيولة المتداولة في شهر رمضان الحالي ومن قبله أشهر رمضان في السنوات المقبلة، بشكل متشابه مع السنوات السابقة وكأن السوق لم يتغير فيه شيء.. كيف ولماذا هذا القصور في الإقبال على سوق الأسهم المحلي حتى هذه اللحظة من قبل الأجانب رغم الإصلاحات التي أضفت على السوق الكثير من المزايا والجاذبية؟
4.5% نسبة إجمالي مشاركة الأجانب في التداولات
لا تزال نسبة مشاركة الأجانب بكافة أشكالهم (خليجيين وعرب وأجانب سواء مقيمين أو غير مقيمين) لا تتجاوز في سوق الأسهم المحلي ال4.5% من قيمة الشراء بالسوق خلال شهر يوليو الماضي، وهي نسبة لم تتعد قيمة 2.4 مليار ريال من إجمالي 54.6 مليار ريال تم تداولها خلال هذا الشهر .. وهي النسبة الأقل في مشاركة الاستثمار الأجنبي في المملكة خلال السنوات الأخيرة .. فقد وصلت قيمة تدفقات الاستثمار الأجنبي خلال عام 2008م على سبيل المثال إلى حوالي 91 مليار ريال، وهي استثمارات أكثر ثباتا واستقرارا (سواء سلعية أم خدمية)، في مقابل أن الاستثمارات في سوق الأسهم هي تداولات مالية (شراء وبيعا) تعتبر أقل استقرارا أو بمعنى آخر هي أموال ساخنة.
رمضان دليل على ضعف استفادة السوق من الاستثمارات الأجنبية
من البديهيات سهلة الاستنتاج الآن أن سوق الأسهم بدأ يعاني من بعض أوجه القصور المرتبطة بتدفقات الاستثمارات الأجنبية إليه، وهي ليست المرة الأولى، وإنما تتكرر من عام لآخر، وهي ضعف معدلات السيولة المتداولة في شهر رمضان أو في الفترات التي تمثل مناسبات شرعية أو دينية، مثل فترات ما قبل الحج ورمضان وغيرها.. هذه الفترات كان يمكن أن لا يتراجع فيها السوق بهذا الشكل الصريح لو تمكن السوق من جذب شرائح الأجانب .. فالأجانب غالبا ما لا تتأثر تداولاتهم بهذا الشكل الكبير في فترات المناسبات الإسلامية، وبخاصة أن هؤلاء الأجانب غالبا لا يكونون من دول عربية أو إسلامية، وبالتالي فلو تمكن السوق المحلي من جذبهم بشكل مناسب كان يمكن أن لا تتأثر السيولة المتداولة بالشكل الكبير في فترات انحصار سيولة المسلمين المتعاملين بالسوق نتيجة استجابتهم لمعطيات مناسبات دينية إسلامية .. ولكن من الواضح بشكل قوي أن غالبية المتعاملين بالسوق حتى الآن هم من السعوديين، وحتى فئات الأجانب التي تمكن السوق من جذبهم فهم من فئات الأجانب الخليجين أو العرب وبخاصة من المقيمين، الذين يتأثرون مثل السعوديين بفترات المناسبات الدينية وتنحصر سيولتهم أو تداولاتهم عموما بالسوق.