Wednesday  22/09/2010 Issue 13873

الاربعاء 13 شوال 1431  العدد  13873

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

 

يا عقلاء الشيعة.. كي لا تتكرر الجريمة!
محمد بن عيسى الكنعان

 

نحن والشيعة إخوة في الله، ندين بإسلام واحد وإن اختلفنا مذاهب شتى، فقرآننا الكريم واحد غير قابل للتحريف، وقبلتنا نحو مكة واحدة غير قابلة للتبديل،

ونبينا عليه الصلاة والسلام واحد لا يقبل سب أصحابه أو الطعن في أهل بيته، كما أننا شركاء المواطنة في أي قطر عربي أو مصر إسلامي، سواءً كانت الأقلية للسنة أو للشيعة، لهذا فالتحديات العالمية التي تواجه أمتنا الإسلامية نواجهها جميعاً سنة وشيعة، والأحداث الكبرى التي تعصف ببعض بلداننا العربية والمسلمة لا تستثني الشيعي دون السني أو العكس. فالمسلمون في المصيبة سواء وكلنا بالهمّ شرق.

كما أن أي عمل إرهابي أو موقف متطرف أو تصريح بذيء يصدر من فرد مسلم أو جماعة تزعم الإسلام، هو عمل منكر وموقف مستهجن وتصريح مرفوض، سواءً كان ضد شعوب وأمم غير مسلمة بما يتناقض مع قيم رسالة الإسلام العالمية، أو ضد مذاهب وطوائف داخل النسيج الإسلامي الكبير، بما يوقظ الفتنة ويستدعي الخلافات التاريخية فيؤجج نيران الفرقة التي تهدم كل محاولات الوحدة الإسلامية المنشودة.

لذلك فإن (الإدانة الشيعية) في المملكة والخليج ومن قبل بعض الجهات العالمية (متوقعة وغير مستغربة) لما فعله الخبيث المسمى (ياسر الحبيب) الكويتي ورفيقه في الظلال (مجتبى الشيرازي) العراقي في العاصمة البريطانية في حق الصدّيقة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها لدرجة الطعن في عرض الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث أقاما احتفالاً بذكرى وفاتها رضي الله عنها داخل ما يسمى مقر خدام المهدي.

لأن ذلك العمل يتناقض مع موجبات الإيمان، ولا يتفق مع أعمال العقلاء، بل وتأباه المروءة والفطرة السوية لدى الفرد غير المسلم، فما بالك بالإنسان المسلم الذي يقرأ في القرآن الكريم قوله تعالى: (النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُوْلُوا الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلاَّ أَن تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُم مَّعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا). إذاً من لا يعتقد بهذا الذكر أو يمارس أفعالاً تناقض مضامينه فقد أخرج نفسه من الإيمان، وهو ذات الاستشهاد المفحم الذي قال به حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما للخوارج في حواره معهم، بعد أن نقموا على الخليفة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أنه لم يسب المسلمين بعد انتصاره عليهم في معركة الجمل، وهي المعركة التي شاركت فيها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فسألهم بن عباس: وأمَّا قولكم قاتل ولم يسْب ولم يغنم، أَتَسبُون أمَّكم عائشة، ثمَّ تستحلُّون منها ما يُستحلُّ من غيرها؟، فلئن فعلتم لقد كفرتُم، وهي أمُّكم، ولئن قلتُم: ليست أمَّنا لقد كفرتم). من هنا فإن من يسب إحدى أمهات المؤمنين رضي الله عنهن أو يطعن في عرضها، أو يقول بأنها ليست أمه فقد (كفر) بفتوى الصحابي الجليل عبد الله بن عباس وهو حبر الأمة وترجمان القرآن وله مكانته العظيمة في الفقه والدين عند كافة طوائف المسلمين سنتهم وشيعتهم.

لكن الإدانة رغم أهميتها وبالغ تأثيرها فإنها لا تكفي في زمن صار الإرهابيون والمتطرفون يفاخرون بأعمالهم الإجرامية، ويؤكدون مواصلتهم طريق الضلال والغي، الأمر الذي يتطلب وقفة حازمة مع الذات، ومراجعات حقيقية تتركز في تجفيف منابع التطرف ودوافع الإجرام المنزوية في بعض كتب التراث والفقه ومخطوطات التاريخ والأدب. وبين أيدينا تجربة معاصرة لازلنا نعايش تبعاتها الإيجابية تتمثل بقيام علماء الدين السنة في الرد العلمي على الفكر الضال الموجود في كتب الفرق والجماعات الإرهابية، أو في تأويلها السلبي للعقائد في كتب السنة المعتبرة، ما كان له أبلغ الأثر في فضح ذلك الفكر للناس وتصحيح الأفهام والمساهمة بعودة كثير من الإرهابيين عن طريق الإثم والعدوان. لذلك فكي لا تتكرر جريمة المدعو ياسر الحبيب ورفيقه بالضلال مجتبى الشيرازي، ينبغي أن يؤكد (عقلاء الشيعة) المقام الرفيع والشريف لأمهات المؤمنين رضي الله عنهن، والمكانة العظيمة للصحابة الكرام. هذا التأكيد لا ينحصر في بيانات إدانة، إنما في رفض وإنكار كل المراجع والكتب والروايات التاريخية التي تقلل من ذلك المقام وتلك المكانة، أو تسيء الأدب معهما، الذي يشمل عدم الترضي عنهم في بيانات أو أحاديث. خصوصاً أن جريمة الإساءة لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها في حفل لندن قد كشفت أن عقلاء الشيعة، الذين أخاطبهم بهذا المقال ليسوا قلة أو دون وزن، إنما هم رموز معروفة وشخصيات مرموقة لها ثقلها في مجتمعاتها، فهذا العلامة السيد علي الأمين (لبنان)، والشيخ آية الله محمد تسخيري (إيران)، والباحث المفكر أحمد الكاتب (بريطانيا)، والدكتور عباس الجنابي (العراق)، وآية الله الحيدري (البحرين)، والعلامة السيد محمد علي الحسيني (لبنان)، والشيخ حسن الصفار (السعودية) وغيرهم ممن لا تحضرني أسمائهم.

أما مرتكز التأكيد المطلوب فيكون بالكف عن تكريس الخلاف التاريخي الحاصل بين السنة والشيعة، بعدم الاستمرار في تقسيم الصحابة الكرام وأمهات المؤمنين الطاهرات وآل البيت الأبرار، ذلك التقسيم الذي جعل الصحابة وأمهات المؤمنين شأناً سنياً، وأهل البيت شأناً شيعياً، إنما أن يكون الصحابة أمهات المؤمنين شأناً شيعياً كذلك كحال أهل البيت لدى أهل السنة والجماعة في المحبة والقدر والتبجيل، وذلك بمعرفة قدر الصحابة والذود عن أمهات المؤمنين رضي الله عنهم جميعاً، وأن المساس بهم أو الإساءة لهم من نواقض المذهب.



Kanaan999@hotmail.com
 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة