يا زين (بعض) عيالنا الدارسين خارج المملكة، بحثوا عن تخصصات في بلادهم فوجدوا حولها زحاماً من خريجي الثانوية،
وهم شباب يملؤه الحماس ويحدوه الأمل بنيل شهادات عليا ليخدم نفسه وأسرته وبلاده، لأنه سيكون مثالاً للمواطن الصالح (بإذن الله)، وحلم الشهادة العليا لا يكتمل إلا بحملها باليمين.. وهذا يمكن أن يكون من خلال برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث الخارجي، الذي يؤكد على أن يكون الطلاب سفراء خير يشرفون بلادهم من خلال سيرتهم الدراسية والمعيشية هناك في بلاد الغربة حيث العيون الثاقبة والعقول النشطة التي ترقب تحركاتهم كوافدين.. عليهم واجبات ولهم حقوق حسب القوانين والأنظمة المكتوبة، غير أن هناك مفاهيم وأعرافاً وذوقاً عاماً وتعاملاً مع مشاعر وأحاسيس أولئك الأقوام كلها لم تكتب على ألواح ولم تدون على ملصقات بارزة في الزوايا ومنحنيات المباني، كلها كامنة في الوجدان والعقول، تنبض بها القلوب وترصدها الأعين والآذان.. هل يكون هذا (البعض) قد وعاها ووضعها في الحسبان قبل المرور من بوابة المغادرة في المطار؟.. وإن كان كذلك.. فهل بقيت في جعبته حتى الوصول وعمل بها.. أم أنه نسيها على مقعده في صالة المسافرين؟!
يا حليل بعض شبابنا هناك: يحاولون كل ما استطاعوا التوضيح لأهل تلك البلاد أن الإسلام يحث على الالتزام بالمواعيد واحترام الوقت ويوردون أدلة ملموسة تكون في العبادات والتعاملات.. لكن ينسى هؤلاء (البعض) أنهم الفئة الوحيدة في الجامعة التي تتأخر عن موعد المحاضرات، لا سيما الصباحية، وإذا حضروا فإن الوجوه ترهقها قترة من وعثاء (السهر)، في تناقض مع ما نقلوه إلى زملاء وأساتذة غير مسلمين أن رسول الهدى (صلى الله عليه وسلم) كان يقول: بورك لأمتي في بكورها.
ويا لطفهم: وهم أثناء المناسبات والحفلات يجاملون أولئك الأقوام ويظهرون لهم المودة بمشاركتهم (الشرب والأكل) مما لا يحل لهم، وهم الذين بالأمس يؤكدون لهم أنهم ملتزمون بتعاليم الإسلام قولاً وعملاً.
ويا خفة دم بعضهم وهم يمضون وقت الغداء، مع ما يُضاف لهم كمسلمين من وقت للصلاة في أحاديث وضحكات تتصاعد مع أدخنة السجائر وعلى مرأى ممن وهبوهم وتكرموا عليهم بوقت للصلاة مراعاة لمشاعرهم الإسلامية، وهم من خفة ظلهم ووفرة نكاتهم لم يلتزموا بالشعيرة ولا بالذوق العام حتى أمام مسؤولي الجامعة، ومع ذلك يريدون منهم كل الاحترام والتقدير.
ويا ملح بعض طلابنا, ويا حلاوة ألسنتهم وهم يجادلون (ولا يحاورون) مسؤولي الجامعة أو المسؤولين في الملحقية التعليمية السعودية حول درجات مستوياتهم العلمية بعد شهور من المرح والسياحة والسهر باسم الابتعاث والعلم وخدمة الدين والوطن، ولم يعلموا أنهم قد نسوا (أو تناسوا) كل هذه الأهداف السامية في صالة المغادرة ولم يحملوها معهم ليتمثلوها في بلدان هم الساعون إليها ولم تتوسل هي إليهم من أجل القدوم إليها للنهل من علم جامعاتها، والتعرف على ثقافات شعوبها.
|
|
بعض طلابنا في الخارج علي الخزيم
|
|