Thursday  23/09/2010 Issue 13874

الخميس 14 شوال 1431  العدد  13874

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

السكن الذي به الأمن والطمأنينة والاستقرار نعمة عظيمة لا يحس بقيمتها إلا من افتقدها في يوم من الأيام ، وهذه المفردة في دلالتها العامة لا يمكن أن تختزل في منزل كل منا ولا حتى في محيط أسرته وعائلته الصغيرة مهما كبرت، بل هي ذات دلالة شاملة تتسع لكل مفردات الأرض التي يمشي عليها الإنسان ويجد فيها بُغيته ويتحقق عليها عيشه الرغيد، يجمع حبات هذا العقد الوضاء ويؤلف بين هذه المفردات التي قد تبدو- عند البعض- للوهلة الأولى أنها متناثرة متنافرة ما يعرف ب»الوطن»، بحدوده وشخوصه، برجاله وأبطاله، بتاريخه ومآثره، بحاضره وماضيه ومستقبله، وإن كانت كل الأوطان غالية وحبيبة إلى إنسانها فوطننا المملكة العربية السعودية أغلا من كل وطن، وله خصائص ومزايا لا وجود لها في دنيا الناس، فهو بلد الحرمين الشريفين، وقبلة المسلمين، ومهبط الوحي، ووسط الدنيا، ومهوى الأفئدة، ومحط أنظار الملايين، تشرئب إليه الأعناق وتُقطع من أجل الوصول إليه المسافات وتُدفع للوفادة إليه الأموال، ولذا فحبنا له وتفانينا في خدمته والافتخار بانتمائنا إليه يجب أن يكون مضاعفاً أضعافاً كثيرة.

إن الوطن ليس كائن هلامي غير واضح المعالم محدد الذات لا يعرفه إلا الخاصة وأهل الاختصاص، والمواطنة هي كذلك ليست متعلقة بأشخاص لهم مواصفات وخصائص لا وجود له لدى عامة الناس ودهمائهم، بل إن الوطن هو المكان الذي أنت فيه ولو صغر فهو كبير بانتمائه لهذا الجزء من العالم، وقوته وتميزه وارتفاع سعره وانخفاضه وتحقق أمنه وغيابه كل هذا يرتبط بالوطن الأم.

والمواطنة هي السلوك الذي أنت عليه مهما كنت كبيراً أم صغيرا عامياً أم متعلماً رجلاً أم امرأة، ولذا فالحديث في مثل هذا اليوم حديث للجميع، وأول الواجبات التي هي على عواتقنا أن يكون لكل منا وقفة مع نفسه إزاء علاقته بهذا الكيان العزيز في هذه المناسبة التاريخية الهامة.

إن الباحث في التاريخ، والقارئ في سجل الأحداث، والمتمعن في خارطة الوطن، والمتفحص في أحوال الناس واختلاف مشاربهم وتباين أوضاعهم يدرك جزماً كم هو عظيم جلالة الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله رحمة واسعة الذي استطاع بتوفيق الله وعونه ثم بمن معه من الرجال أن يوحد هذا الكيان مترامي الأطراف متعدد الأطياف، والواجب في حق كل من ينتمي لهذه الأرض ضمان حماية هذا الإرث الكبير وعدم تفريطه في العمل الذي يسند له مهما كان!!، نعم إن الوطن مساحة من العطاء والبذل والوفاء، هذه المساحة تتسع للجميع وتتنوع وتتعدد مساراتها وتضاريسها في عيون أبنائها وكل يشغل بجهده وبما يملك من دافعية إيجابية حيزاً مهماً فيها والطموح والتطلع الذي ينشده الوطن في يومه السنوي أن يبدع كل منا في سد الثغرة التي هو عليه، (فالله الله أن يؤتى الوطن من قبلك).

إن هناك مواطن ولكن لا وطنية عنده، يعيش على هذه الأرض ولا يشعر بأنها منزله وسكنه، ولذا فقلبه خاوٍ من حبه لها وهمه الأساس وشغله الرئيس مصالحه الشخصية ومنزله الصغير، وهذا أسوء الرجال فهو ذو نظرة قاصرة وتفكير سطحي عقيم، ومثل هذا الإنسان غريب عن داره حتى ولو عاش معنا العمر كله.

وهناك وطني ولكن لا مواطنة عنده فهو يشعرك بحبه للوطن ويتغنى به ويحتفل بمناسباته ولكنه لم يقدم شيئاً له طوال عمره أو أنه لم يكن في حياته صورة للمواطن الصالح الذي يفتخر الوطن به.

والمطلوب أن نكون مواطنين وطنين، نرسم مشاعر الحب التي تختلج في ذواتنا لأرضنا الطاهرة صورة رائعة من العطاء حتى ندخل سجل المواطنة الصالحة والتي أبرز مواصفاتها العالمية اليوم الحفاظ على الممتلكات العامة، ومحاربة الفساد فضلاً عن الولوغ فيه، والعطاء بلا حدود، وتقديم ما في الوسع من أجل غد أفضل لوطننا المعطاء.. ومد اليد لليد وشد الساعد بالساعد عنوان العمل الجاد من أجل مستقبل بناء ينعم به مواطن جديد في القادم من الأيام.. يحفزنا لكل ذلك تشريف الله لنا بانتمائنا لهذه الأرض الطيبة، ووجود ولاة أمر انبروا بكل تفان وإخلاص لبناء وطن عزيز وتحقيق نهضة إنسان، وما السجل الحافل بالخير والعطاء لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، وما التاريخ المسطر بالبذل والوفاء لولي العهد الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز، وما المواقف البطولية المشرفة التي لم ولن تنسى لرجل الأمن الأول النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز وما.. وما.. ما هذه وتلك إلا شاهد أكيد وبراهن واضح على أن في جبين الزمن وعلى أرض الوطن قادة يتقدمون المواطنين في رسم ملامح المواطنة الصالحة الفاعلة من أجل هذا الكيان العزيز، فلهم ولكل مخلص من أجل الوطن ورقيه وتقدمه وصلاحه وتطوره، في يوم وطننا تحية إجلال وتقدير، وباقة شكر وتبجيل، وللوطن تجديد عهد يزدان بالوفاء ويطرز بالإخلاص ويعنون بالمواطنة الصالحة ودمت عزيزاً يا وطني وإلى لقاء والسلام

 

الحبر الأخضر
الوطن.. مساحة العطاء والبذل
أ.د. عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة