يحق لنا في ذكرى اليوم الوطني، أن نقف عند هذه المناسبة العزيزة على النفس كثيراًً لنستجلي لمحات من الماضي ونرسم خطط مستقبل زاهر لهذا الوطن الغالي، ونجدد العهد على السير قدماً في طريق اختطه المؤسس الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - ونواصل معركة النماء والتطور لنصفو بهذا الوطن الذي حباه الله بنعم وخيرات وفيرة في باطن الأرض وظاهرها.
وحري بنا أن نقف في هذه الذكرى العطرة، وقفة تأمل نستعيد فيها أبعاد قصة التوحيد وانعكاساتها على المجتمع السعودي في كل جوانب حياته، تلك الملحمة التي كانت أولى الخطوات باتجاه التمكين للدولة الحديثة، القائمة على أسس متينة مستمدة من كتاب الله وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، والمشرئبة إلى التطور اعتماداً على سلاح العلم حتى تحتل بلادنا موقع الريادة بين دول العالم، وهكذا كان التوحيد رسالة عرف فصولها أبناء بلادي وهو ما أعطانا استقراراً سياسياً وأمنياً ننعم به إلى يومنا هذا، وجعلنا نتوجه بخطى ثابتة لنفجر خيرات أرضنا ونحولها إلى تنمية لدعم اقتصادنا الوطني عبر كل الحقب المختلفة.
إن المتتبع لحركة تطورنا الاقتصادي لا يمكنه أن يغفل الحنكة السياسية وروح القيادة الفذة التي تمتع بها المؤسس وأيضاً نظرته بعيدة المدى لمستقبل هذا الوطن، فقد استطاع أن يحول الاكتشافات البترولية إلى ثورة تنموية وصناعية تتفجر عطاء في كل ربوع الوطن اليوم، لقد أدرك الملك عبدالعزيز أن تحقيق التنمية يتطلب تهيئة المناخ المناسب وسخر أدوات الدولة ومواردها لتكون في خدمة الاقتصاد وأرسى بذلك التوجه قاعدة سارت البلاد على نهجها لتصبح بفضل من الله أكبر اقتصاد عربي في وقتنا الراهن.
لم تكن مسيرة البناء والتوحيد لجمع شمل الوطن سهلة، ولذلك يتوجب علينا أن نقف عند كل إطلالة لهذه الذكرى وقفة إجلال وتقدير، لنجدد عشقنا لهذا الوطن الذي أعطانا الكثير، ونجعل من حبه زادا لنا في حركتنا الدوؤبة من خلال مشاركتنا في بناء نهضته، وأن نعمل سويا كل في مجاله، ولتكن مكانة هذا الوطن الغالي في سويداء القلب وعشقه العذب يجري في دمائنا الذكية، لنسطر جمعياً لوحة الفداء من خلال دعم مسيرة النهضة الكبرى التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - في كل ربوع الوطن، ذلك إن مسيرة النهضة الاقتصادية التي ارتسمت معالمها واستبانت فصولها تقف شهادة على صبر وقوة عزيمة قيادتنا الرشيدة التي ما فتئت تقدم لهذا الوطن الكثير من أجل بناء اقتصادي واسع امتد في مشاريع رائدة تدعمه سواعد أبناء الوطن التي انشغلت في معركة البناء ليشيد اقتصاداً قادراً على استيعاب القطاعات المختلفة عبر هياكله المتنوعة وهي منظومة متكاملة تجسد ملحمة تنموية سابقة الزمن، ورسمت معالم حضارية جمعت بين عبق الماضي وزهو الحاضر، وتهيأت للمستقبل بآمال وتطلعات واعدة.
إن ذكرى اليوم الوطني هي ذكرى فخرٍ واعتزاز لكل أبناء بلدي، الذين كانت بصمات عطاءاتهم في مختلف الميادين، ومن خلال مشاركتهم في مسيرة البناء القاصدة لوطن ينعم فيه الإنسان بكل ألوان الراحة والهناء والسرور والاستقرار والطمائنينة في عالم اليوم الذي تتلاطم أمواجه، وتتصاعد فيه روح العداء، وهي مسالب نستطيع نحن مواجهتها بنعمة الوحدة والأمن والاستقرار لنشق طريقنا بخطى ثابتة تجاه المستقبل الزاخر بإذن الله مرتكزين على ثوابتنا الدينية وعاداتنا وتقاليدنا السمحة، ومواصلين السير في طريق البناء لتحقيق نهضة تنموية شاملة أرسى دعائهما خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده الأمين ونائبه الثاني حفظهم الله. نسأل الله أن يحفظ مملكتنا الحبيبة من كل شر وأن يديم علينا نعمه ويزدنا من خيره، وكل عام والجميع بألف خير.
(*) مدير عام فرع السيدات بغرفة الرياض - الأميرة هيلة بنت عبدالرحمن آل سعود