تحتفي مملكتنا الغالية هذه الأيام على كافة المستويات الرسمية والشعبية بمناسبة ذكرى اليوم الوطني. وتعد هذه المناسبة عزيزة وغالية علينا لما لهذا اليوم من إنجاز تاريخي خطت فيه المملكة خطوات واسعة في كافة الميادين بعد أن وحد صفوفها وأرجاءها المغفور له الملك عبد العزيز طيب الله ثراه حتى وصلت إلى مستوى أرقى الدول العالمية..
إن هذه الذكرى تعني لكل مواطن أن يتعمق في الإنجازات التي تحققت والتنمية والتطور اللذين نعيشهما على مستوى كافة مجالات الحياة في هذا العهد الزاهر فهما ثمار جهد لعطاء المخلصين وعلينا جميعاً واجب الشكر والثناء لله وحده والمحافظة على هذه المكاسب حتى يستمر العطاء وتنعم الأجيال بثمار ما غرسته أيادي المخلصين في هذه الأمة.
ثمانون عاماً حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطيبة والتي وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس وواصل أبناؤه البررة من بعده استكمال البنيان ومواصلة المسيرة.
وتجسد هذه المناسبة الإرادة القوية والعزيمة الصادقة والرغبة الأكيدة في دفع مسيرة البناء والتقدم حيث تعتبر هذه الإرادة وتلك العزيمة سمة متميزة وبارزة لقادة المملكة العربية السعودية منذ عهد مؤسسها الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه وحتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز يحفظه الله، حيث تمثل مسيرة المملكة مراحل ثرية حافلة بالإنجازات التي تجسدت في ترسيخ أسس التطور في البلاد وبناء قاعدة اقتصادية وطنية صلبة وضعتها في مصاف القوى الاقتصادية المنتجة والمصدرة، إضافة إلى تمكين الإنسان السعودي من اللحاق بركب التطور في العالم بفضل ما تحقق في المملكة من نهضة شاملة وبالذات في الجانب العلمي والتعليمي، وقد ساهمت تلك المكانة في تفعيل دور المملكة في المجموعة الدولية سواء من خلال منظمة الأمم المتحدة التي شاركت في تأسيسها أو من خلال المؤسسات الدولية المنبثقة عنها والهيئات والمنظمات الدولية الأخرى.
وفي إطار الرؤية المتكاملة للمقام السامي الكريم لبناء مستقبل بلادنا الغالية، انطلاقاً من حقيقة أن الصحة العامة جزء لا يتجزأ من أمن وتقدم ورفاهية وطننا الغالي فقد تبنت وزارة الصحة تنفيذ منهجية موضوعية أرستها السياسة الحكيمة للدولة الرشيدة في كافة مجالات تقديم الخدمات الصحية، وقاية وعلاجاً وتأهيلاً من خلال منظومة مرافق متكاملة خصصت لها الميزانيات الضخمة في سبيل الوصول إلى أمن صحي شامل للجميع حيث حظيت الخدمات الصحية كغيرها من الخدمات الحيوية والضرورية بكل رعاية واهتمام من ولاة الأمر يحفظهم الله.
كما تبنت الوزارة تنفيذ خطة إستراتيجية لتحسين نوعية وأسلوب تقديم خدماتها الصحية، فقد تم إنجاز مشاريع كبيرة على طريق تقديم هذه الخدمات بأرقى مستوياتها، كما قامت الوزارة عبر لجانها الفنية المتخصصة بوضع إستراتيجية شاملة لتطوير النظام الصحي الحالي مستفيدة بذلك من تجارب الدول المتقدمة في هذا المجال، مع مراعاة خصوصية البيئة والمحيط الحضاري والمؤسسي والموروث الثقافي السائد وتفعيل المشاركة بين القطاعين الحكومي والخاص، حيث تسعى الوزارة من خلال المشروع الوطني للرعاية الصحية المتكاملة والشاملة الذي تم عرضه مؤخراً على خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - يحفظه الله - إلى تحويل الاهتمام من التركيز على النظام الصحي المعتمد على المستشفى إلى التركيز على احتياجات المستفيد من الخدمة مما يمكن المواطن من الحصول على سلسلة متواصلة من الخدمات الوقائية والتعزيزية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية وتتلخص أهداف المشروع في تعزيز وتقوية الرعاية الصحية الأولية واستخدام مرافق الرعاية الصحية التابعة للوزارة بشكل فعال وتوفير رعاية صحية متكاملة لجميع المواطنين وضبط جودة خدمات الرعاية الصحية واستقطاب الاستشاريين المتخصصين في جميع التخصصات المطلوبة، وتأمل الوزارة أن يحقق هذا المشروع حال إقراره سهولة الوصول بالخدمة المناسبة لجميع المواطنين مع السرعة في تقديمها وذلك من خلال نظام إحالة ونقل قوي ومتكامل لجميع المستويات كما سيتم من خلال تنفيذ هذا المشروع رفع معدلات الأسرّة نسبة لعدد السكان إلى معدلات قياسية تتناسب مع أعباء المراضة والوضع الصحي للسكان في المملكة.
كما تم مؤخراً استحداث الرقم الموحد للطوارئ الذي يمكن الوزارة ومرافقها المختلفة من التعامل الفوري مع حالات الإخلاء حيث تم التعامل مع 3450 حالة إخلاء داخلي من المستشفيات الطرفية إلى المستشفيات المرجعية خلال هذا العام بمعدل 12 حالة يوميا، وإحالة 19 حالة إخلاء خارجي من خارج المملكة إلى المستشفيات المرجعية.
وعلى مستوى البرامج التي تم استحداثها مؤخراً لخدمة المواطنين والمقيمين في كافة مناطق المملكة فقد استفاد من برنامج الرعاية الصحية المنزلية منذ تأسيسه نحو 4 آلاف مريض، في حين بلغ عدد عمليات جراحة اليوم الواحد 21 ألف عملية بما يعني توفير 42450 يوم تنويم خلال سبعة أشهر، وبما يوازي إضافة 200 سرير لمدة سنة. كما شهدت المستشفيات التي تقوم بعمليات اليوم الواحد زيادة بنسبة 93% في مستشفيات 200 سرير فما فوق و80% في مستشفيات 100 سرير، حيث تم رفع معدل دوران السرير من 4 دورات لكل مريض في الشهر إلى 6 دورات في الشهر أي بمعدل 4000 دورة مضافة خلال ستة أشهر.
أما برنامج علاقات المرضى الذي يرتبط باهتمامات المرضى واستفساراتهم، فقد حقق نجاحات ملموسة، حيث استقبلت إدارات علاقات المرضى 1300 حالة أي ما يقارب 19 حالة في الأسبوع، وتمت معالجة نحو 450 شكوى وردت إلى صوت المواطن بموقع وزارة الصحة.
وضمن جهود الوزارة لتطوير الخدمات الصحية التي تقدمها وإحداث نقلة نوعية بهذه الخدمات فقد تم الانتهاء من مشروع حوسبة 150 مركز رعاية صحية أولية في أنحاء المملكة وتجهيز البنية التحتية وتشغيل نظم المعلومات الصحية في 28 مستشفى من أصل 30 مستشفى، والانتهاء من المشروع التجريبي لنظام إدارة الأسرة الإلكتروني حيث تم ربط 30 مستشفى والبدء في تعميمه على بقية المستشفيات. كما شرعت الوزارة في بناء إستراتيجية وطنية لتقنية المعلومات والاتصالات والصحة الإالكترونية بالمملكة وذلك بالتعاون مع إحدى كبريات شركات تطوير الاستراتيجيات في العالم، لوضع خطة تطوير وتنفيذ تقنية المعلومات والاتصالات والأنظمة الصحية حيث سيؤدي ذلك لوجود بيئة ملائمة لجميع البيانات الصحية للمواطنين والمقيمين في المملكة وإمكانية تبادلها إلكترونياً بين المؤسسات الحكومية المختلفة وتوفير المعلومات الصحية الأساسية على البطاقة الذكية. وفي مجال طب الأسنان تقدم الوزارة الخدمات العلاجية والوقائية من خلال 2083 عيادة للأسنان و(8) مراكز متخصصة في طب الأسنان حيث يراجع هذه المرافق حوالي مليوني مراجع سنوياً.
ولضمان تقديم خدمات صحية ذات جودة عالية فقد تم تأهيل (30) مستشفى لغرض الحصول على الاعتماد من المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية حيث حصلت (21) مستشفى منها على الاعتماد، كما يجري الإعداد للاعتماد من قبل الهيئة الأمريكية المشتركة لعدد (9) مستشفيات.
وعلى مستوى الخدمات الوقائية التي تقدمها الوزارة فقد بلغت نسبة التحصين ضد الأمراض المستهدفة أكثر من 97% لجميع اللقاحات ونتيجة لهذه التغطية العالية فقد انخفضت معدلات الإصابة لمعظم الأمراض مثل مرض الدرن الذي انخفض معدل الإصابة به وسط الأطفال أقل من 15 عاماً إلى 2,6 لكل 100.000 نسمة وهو أقل من معدل حدوثه العالمي وهو 305 لكل100.000 كما تم القضاء على أمراض مستهدفة بالتحصين مثل شلل الأطفال إضافة إلى الجهود الوقائية المستمرة التي أدت إلى خفض معدلات الإصابة بمرض البلهارسيا والملاريا، كما تم إدخال لقاحات جديدة واستحداث وتنفيذ برنامج وطني لمكافحة الليشمانيا وعلاوة على ذلك فقد تم استئصال مرض الملاريا من المناطق الشرقية والشمالية ومنطقة الرياض.
وختاماً أسأل المولى عز وجل أن يحفظ مليكنا وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني وأن يجعلهم ذخراً للأمة العربية والإسلامية وأن يسدد على طريق الخير خطاهم وأن يجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم إنه سميع مجيب الدعاء.