تبتهج بلادنا الغالية حكومةً وشعباً هذه الأيام بمرور الذكرى الثمانين لليوم الوطني، وهي ذكرى ذات مدلولات عميقة في تاريخ المملكة العربية السعودية، حيث إن ذلك اليوم الأغر شكَّل حداً فاصلاً بين الماضي والحاضر، بين التمزّق والشتات، والتوحّد والقوة والمنعة، وعلامة فارقة بين الفقر والمرض والجهل، وبين العلم والتطور والوفرة والرخاء والتقدم، حيث استطاع الملك الباني المؤسس عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود (طيَّب الله ثراه) ورجاله المخلصون توحيد هذه البلاد تحت اسم المملكة العربية السعودية، وتحت راية التوحيد وحكم الشريعة الإسلامية، ومنذ ذلك التاريخ بدأت بلادنا تتبوأ مكانة مرموقة بين دول العالم وتسهم بفاعلية في السلام والأمن الدوليين، ويكون لها تأثير مباشر وملموس على البلدان الإسلامية باعتبارها حاضنة الحرمين الشريفين، وراعية شؤونهما، ومضيفة ضيوف الرحمن من مشارق الأرض ومغاربها، وكذلك أخذت تضطلع بدورها الدعوي والداعم لكل الشعوب المسلمة على وجه الأرض، وكذلك شعوب الإنسانية قاطبة، حتى استحقت بجدارة لقب مملكة الإنسانية.
كما أن الأساس المتين للتشريع، والمنهجية الإدارية المحكمة، التي وضعها الملك المؤسس - رحمه الله - والتربية الصالحة التي حظي بها أبناؤه الكرام، كانت هي العون - بعد توفيق الله - في أن تأخذ المملكة مكانتها الحالية، وتكون رقماً يصعب تجاوزه على الصعيد السياسي والاقتصادي والإستراتيجي، فضلاً عن دورها في الجانب الإنساني، ليس في محيطها الخليجي والعربي وحسب، بل أيضاً على المستوى العالمي الذي يشهد له العالم بأسره، وهذا نابع من أصالة منهجها، وحكمة قادتها، وها هي مملكتنا الحبيبة اليوم في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني تحقق منجزات رفيعة على المستوى الأمني والاقتصادي والتعليمي وعلى صعيد البنيات التحتية والخدمات وغيرها من المجالات.
ونحن إذ نحتفل بهذه الذكرى العزيزة، إنما نحتفل بما جلبه توحيد المملكة أرضاً وإنساناً من مكاسب عديدة ومنجزات متنوّعة، وعظمة ومنعة وقوة لهذا الكيان الكبير، ويحق لأبناء المملكة أن يحتفلوا ويفرحوا بهذه الذكرى، خاصة إذا تذكّرنا كيف كان الوضع قبل هذا اليوم المبارك، حيث كان يسود الشتات والتمزّق والفقر، والمرض والصراع وغير ذلك من أسباب الضعف، وعوامل التقاعس والتخلف، لكن بفضل الله تعالى ثم بقيام المملكة العربية السعودية على أساس متين ومنهج واضح، ورؤية عميقة تنظر إلى المستقبل ومصلحة البلاد والعباد ومصلحة العالم الإسلامي أصبحت بلادنا تتميز بالاستقرار والهدوء والوفرة والرخاء وتوحيد الكلمة وتخطو خطوات ثابتة وقوية في سلم التقدم والازدهار حتى تخطت دولاً كثيرة كانت تقدمها في هذا المضمار.ولم يكن الحفاظ على هذا الإرث والزيادة فوقه أمراً سهلاً لولا وجود قادة مخلصين يسيرون على درب المؤسس - رحمه الله - ويتزوّدون بمعطيات العصر ويوظّفون ما تحت أيديهم من إمكانات وقدرات لرفعة البلاد وإسعاد الإنسان السعودي وجلب راحته وتلبية متطلباته.حفظ الله بلادنا الطيِّبة المباركة أرض الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين من كل شر وسوء وأدام الله فضله علينا وأدام نعمة الأمن والاستقرار، ونعمة الوفرة والرخاء، وحفظ لنا حكومتنا الرشيدة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد الأمين وسمو النائب الثاني، وحفظ جميع أبناء المملكة والمقيمين بها وزوارها من ضيوف الرحمن وعامة المسلمين.