لا أعلم لماذا تتعقد بعض القضايا والمفاهيم حين يعرضها بعض المثقفين العرب، بينما تبدو بغاية البساطة حين تسمعها من مثقف أو متخصص غربي، أو حين تقرأ عنها في كتاب باللغة الأجنبية، ومنها بطبيعة الحال تحديد معاني ومصطلحات مثل الفن الحديث والحداثة وما بعدها والفن المعاصر.
ربما تكون ذات أهمية لدى المتخصصين بتاريخ الفن ونظريات النقد الفني، ولكن لا تصل مرحلة التعقيد التي نشتّد في الحديث حولها وعليها في بعض الأوقات بيننا نحن العرب، ولكن ما يهم في الفن لدى الغرب هو العمل بحد ذاته والفكر الابتكاري الذي يميزه، أي المضمون لا الشكل فقط، وخصوصاً في الفن المعاصر الذي انتقل إلى المفاهيم والإبداع الفكري وجمال المضمون، بينما تجد العرب وخصوصاً في مصر وسوريا يكثروا الجدال حول التحديد الدقيق للمصطلحات، وياليت منتجنا الفني بنفس المستوى في الضوضاء! بل نحن في حالات مستمرة من النسخ واللصق في معظم مجالات الفنون تماما مثل الأفلام المصرية التي تقوم بإعادة تمثيل أفلام هوليوود الناجحة، في غفلة عن سهولة الوصول لها مباشرة اليوم مع الترجمة من خلال مئات المحطات التلفزيونية أو عبر الإنترنت، (وعلى أية حال فوضع المصريين أفضل منا، فهم وإن كانوا ينسخون، فهم على الأقل ينتجون بينما نحن مكانك سر في هذا المجال)!.
وعودة إلى مفاهيم المعاصرة والحداثة والتي تدور حرب المصطلحات حولها لدينا بينما تدور حرب محاولة التجديد والإبداع لديهم، هذا الإتجاه ربما وجه مؤسسات وجهات عديدة للتواصل مع النماذج الغربية من أجل التجديد ومن مبدأ (إبدأ من حيث انتهى الآخرون) كذلك لمحاولة الانتفاع من تلك الخبرات الأجنبية الناجحة سواء في أوروبا أو أمريكا أو بعض من دول آسيا التي تميزت كذلك في التعليم والصناعة والمجالات الإبداعية الأخرى، بدلاً من الاعتماد على المصادر العربية فقط كما في السابق والتي لا تزال في حال من النسخ واللصق وإعادة الاجترار، لذا أعتقد وإن كنا في حاجة إلى التواصل مع العالم العربي من أجل تبادل الخبرات في أي مجال، إلا أنه يجب أن نوقف استخدام تلك المصادر كمراجع وحيدة (بسبب اللغة غالباً) لأننا لم نعد كما في السابق حين بدأنا التنمية في دول الخليج واعتمدنا حينها بشكل كبير على الدول العربية المتقدمة جداً نسبة لنا في ذلك الوقت.
أما الآن ولأسباب معظمها اقتصادية، أصبحت الحاجة للتطوير والنمو ومواكبة التطور في الفنون كما في سواها من المجالات، تستدعي البحث عن المصادر الأصلية، ولنا في الإمارات العربية المتحدة وقطر نماذج -خصوصا- في مسائل التجمعات والمهرجانات الثقافية والمتاحف الفنية!، فهّلا اعتمدنا على تلك المصادر في المصطلحات كذلك؟.
|
|
ايقاع غربلة مصطلحات د. مها السنان |
|