في تاريخ الدول والشعوب أيام فاصلة، تبقى محفورة في ذاكرة أبنائها جيلاً بعد جيلٍ، لعظم تأثيرها في حياتهم أو حسب الأحداث التي شهدتها.
وعندما تحين ذكرى هذه الأيام الفاصلة عامًا بعد آخر، يتوقف عندها العقلاء والحكماء بالبحث والتحليل، للوقوف على الدروس المستفادة منها ورصد النتائج التي ترتبت على ما حدث فيها من أحداث.
واليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، الذي تتجدد مظاهر الاحتفال به سنة بعد أخرى، هو أحد الأيام المجيدة الفاصلة في تاريخ بلادنا المباركة، إذ توجت فيه ملحمة توحيد المملكة على يد الملك المؤسس عبد العزيز آل سعود -طيب الله ثراه-، واستقرت فيه قواعد الدولة السعودية الحديثة، بكل ما تعنيه كلمة دولة من أرض وسيادة وقيادة وشعب، فتحققت بهذه الوحدة تطلعات أبنائه، فاجتمعوا حول قيادته، لتنطلق مسيرة النهضة على طريق المستقبل، من خلال واقع زاهر نعيشه الآن وننعم بإنجازاته، ونحتفل معًا بذكرى اليوم الذي كان بداية لكل ذلك.
ولعل أول ما يتبادر إلى النفس عندما تطل ذكرى هذا اليوم هو الدعاء للملك المؤسس وأبنائه الملوك البررة الذين واصلوا مسيرة العطاء من بعده، فوّثقوا عرس الوحدة لتزداد صلابة وقوة، وتتسارع عجلة التنمية الشاملة، وصولاً إلى هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -حفظه الله-.
ولنتأمل معًا الآن ونحن نحتفل بالذكرى الثمانين لعرس الوطن علم المملكة الأخضر المزدان بكلمات التوحيد لله سبحانه وتعالى، يرفرف خفاقًا فوق مئات، بل آلاف المدارس والجامعات والمستشفيات والهيئات التي تقدم خدماتها لأبناء الشعب السعودي في مختلف المجالات.
ولنتجول بأبصارنا في ربوع بلادنا وما تنعم به من أمن واستقرار وخير، لندرك أن الاحتفال بهذا اليوم الوطني المجيد ليس فقط شهادة عرفان وتقدير لمن صنع ملحمة توحيد المملكة، بل احتفال بما ترتب على هذه الوحدة من تأكيد الهوية العربية الإسلامية الأصيلة لبلادنا، واحتفال أيضًا بكل الإنجازات التي تحققت من خلال استلهامنا لكل المعاني الجميلة التي جسَّدتها هذه الملحمة الرائعة، واستفادتنا جميعًا مما فيها من دروس عظيمة، وهي دروس جديرة بأن نعلّمها للأجيال الجديدة من الشباب والناشئة، ليعوا دورهم ومسؤولياتهم في حماية وحدة البلاد واستقرارها، ويستشعروا مسؤولياتهم في مواصلة المسيرة، فهذا اليوم الفاصل في تاريخ بلادنا أفضل مناسبة للالتقاء وتواصل الأجيال، وترسيخ معاني الانتماء لوطن كان جديرًا بتضحيات هؤلاء الرجال الذين صنعوا ملحمة الوحدة ورفعوا راية التوحيد، ولا يزال جديرًا بعطاءات الأجيال القادمة.
مستشار وزير الصحة، أمين عام المجالس واللجان التنفيذية