في يوم الخميس المصادف 14-10-1431هـ الأول من برج الميزان يسعد أبناء الوطن وهم يتذكرون تلك الذكرى العطرة التي تمر بهم كل عام إنها ذكرى يوم التأسيس لهذا الكيان على يد ذلك الفذ البطل الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله وأسكنه فسيح جناته - حيث أصبح الناس أمة واحدة وجماعة واحدة بعد سنين من الكفاح والجهاد وقف معه وعاضده رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه - غفر الله لهم وأسكنهم فسيح جناته.
بعد سنوات من الجهاد والكفاح والفتوحات والبطولات فقد وفق الملك عبدالعزيز لما انطوت عليه نفسه من حب الوطن وصفاء عقيدة وخلوص نيته ورغبته -رحمه الله- إلى قيام دولة مترامية الأطراف يعيش الناس فيها بكل طمأنينة واستقرار وتحكم كتاب الله وسنّة رسوله الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام حين علم الله حسن النية ونبل المقصد هيأ للبطل عبدالعزيز هذه المكرمة التي ستبقى إلى يوم أن يرث الله الأرض ومن عليها. وحد البطل عبدالعزيز أرجاء الوطن وأعلن ذلك عام 1351هـ فاطمأن الناس وهدأت الأحوال وتبدل خوف الناس أمناً وانصرف الناس إلى معايشهم وأحوالهم والمساهمة في بناء الدولة الوليدة بعزم لا يلين وفتح الله للبطل عبدالعزيز كنوز الأرض وشاء الله أن يسعد أبناء الوطن بذلك فوضعوا يدهم، بل أيديهم وكل ما يملكون تحت تصرف قائدهم وإمامهم عبدالعزيز بن عبدالرحمن الذي اعتبر نفسه واحداً منهم أصر أن ينشر فيهم العدل وأنهم أمام كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم كلهم سواسية لا فرق بينهم فسعدوا بذلك الفتح المبين وولت تلك الأحقاد والمخاوف وأصبح الناس بحمد الله إخواناً، وقد نجح الملك عبدالعزيز - رحمه الله - في إقامة مجتمع جديد متحاب متآلف، وقد وحد القلوب قبل توحيد الأرض.
إن توحيد المملكة العربية السعودية كان إيذاناً بتغييرات شاملة في الهيكل الاجتماعي ويشكل نمط الأسرة ووظيفتها.
كل ذلك جاء متزامناً مع توحيد البلاد وإعلان ذلك على الملأ فكان للمؤسس ما نوى وقد علم الله فيه الإخلاص ونبل الهدف والنية الصحيحة التي كانت تهدف بالدرجة الأولى إلى إقامة دولة إسلامية وفق ما جاء في كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم وما سار عليه سلف الأمة الصالح بعيداً كل البعد عن الغلو والتطرف والتشدد في دين الله.
وبذلك نهج الملك عبدالعزيز - رحمه الله - منهجاً وسطاً كما أكد على ذلك دين الإسلام {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً}، وقد وضع القواعد لدولة عصرية لم تقف عند حد، بل أخذت مكانتها بين دول العالم بقدسيتها وبما أفاء الله عليها من خيرات فراحت تمد يد العون والمساعدة لكل من يحتاج إلى ذلك فأصبحت تسمى مملكة الإنسانية وقائد مسيرتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك الإنسانية لما بذله واطلع به من مهام عالمية تميز بها دون قادة العالم وحق له أن يكون كذلك.
تمر ذكرى اليوم الوطني والوطن تأخذ نصيبها من التطوير والتحديث والإصلاح في مناحي عدة تطلب ذلك اللحاق بركب الحضارة العالمية في عالم متسارع الخطى لا يقف عند حد.
كل ذلك يجري مع إصرار والتزام بالثوابت الأساسية التي قام عليها الوطن عندما أسس كيانه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن طيب الله ثراه.
وحقيقة ظاهرة يجب التأكيد عليها وهو أن الملك عبدالعزيز قد غرس في هذه الأرض المباركة الطيبة أعظم وحدة في تاريخ البلاد فحول ضعفها إلى قوة وثمرتها إلى كيان قوي راسخ حتى أصبحت المملكة العربية السعودية نموذجاً رائعاً ومثلاً للوحدة الوطنية. دعوة صادقة إليكم أبناء الوطن في هذه المناسبة الغالية على الجميع أن نكون يداً واحدة صفاً واحد في وجه كل من يحاول المساس بالأمن والاستقرار والوحدة كائناً من كان، وعلى كل واحد أن يقوم بما أوكل إليه من عمل في أي موقع، فالوطن بحاجة ماسة إلى كل جهد كل واحد منهم رجلاً كان أو امرأة للمشاركة في النهضة الشاملة التي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله- ليكون الجميع يداً واحدة وصفاً واحد وجماعة واحدة متماسكة تقف سد منيعاً أمام كل عابث بأمن الوطن مهما كان تمر الذكرى الثمانون للتأسيس ووطننا بحمد الله يخطو بخطوات واثقة نحو مستقبل مشرق وواعد وها هي بشائر الخير والعطاء تلوح بالأفق، بل جلها جسدها الواقع في كل نواحي الحياة.
ولنتذكر دائماً وأبداً مع ذكرى التأسيس بأن الملك عبدالعزيز - رحمه الله - ظاهرة فريدة في التاريخ العربي والإسلامي الحديث، بل العالمي تدعو للإعجاب وتثير التقدير والإكبار في ذكرى التأسيس الملك عبدالعزيز - رحمه الله - وحد القلوب قبل أن يوحد الأرض.
رحمك الله أيها المؤسس ومن وقف إلى جانبك ونم قرير العين فالأمانة يحملها أبناؤك وأبناء وطنك الأوفياء.. إلى ما شاء الله
وطني أنت أنا..
مدير المعهد العلمي في محافظة الرس - جامعة الإمام