حدثني أحدهم عن زواج قديم يُسمى زواج البركة لدى إحدى الجاليات الآسيوية المسلمة التي يأتي أفرادها الإناث لأداء إحدى الفرائض الدينية وتحديداً فريضة الحج ويبحثن بشكل حثيث عن الزواج لو ليلة واحدة فقط من أبناء هذا البلد
بغرض الحمل والإنجاب معتقدات أن ما سينجبنه سيكون مباركاً ولهذا سُميَ بزواج البركة، والأغرب إن كان فيما سمعته صحة أن الأزواج أو الأهل على علم بذلك بل هم من يسعون للحصول على زوج البركة لبناتهم.
الطريف أن أخينا توقع المزيد من الاكتشافات في ما يخص أنواع الزواجات سواءً القديم منها أو الحديث وذكرني بما يحدث هذه الأيام من اكتشافات خطيرة لأنواع مختلفة ومتعددة من الزواجات.
ثمة أنواع أخرى كثيرة من الزواجات ظهرت علينا مؤخراً بمصطلحات تتناسب وطبيعة الحالة ونوع الزواج ويحتاج بعضها لشرح دقيق أو ترجمة بسيطة لمعرفة تفاصيله لغرابة اسمه فبخلاف ما ظهر علينا من زواج المسيار بدايةً، أصبح هناك زواج المصياف والمسفار والإنجاب وإن كان الأخير يُعتبر قديما نوعاً ما كزواج البركة سابق الذكر، ثم كان أن ظهر لنا زواج الفرند الذي يعتبره كثيرون حلاً لمعضلة السكن بحيث يلتقي الزوجان كالأصدقاء في نهاية الأسبوع فقط في مكان يتم استئجاره لممارسة طقوس الزواج.
زواج الوناسة هو آخر تلك الأنواع حتى لحظة كتابة هذا المقال، الوناسة هو أحد أحدث أنواع الزواجات التي يرتبط من خلاله زوج طاعن بالسن بامرأة صغيرة نشيطة لتقوم برعايته والسهر على خدمته ومتابعة حالته الصحية ولا مانع من قليل من المتعة، ذلك شريطة أن تتنازل الزوجة عن حقوقها في ما كفله لها الإسلام كالمعاشرة الزوجية، في الوقت الذي تتمتع بباقي حقوقها كالمهر والإنفاق والسكن وغيره من الحقوق الواجبة شرعاً، باختصار تتنازل عن حقها في المعاشرة الزوجية وفي صحبة زوج شاب قريب من سنها وتعيش في كنف كهل طاعن في السن من أجل خدمته ورعايته وبالتأكيد الثمن هو ما سيدفعه ذلك الزوج مقابل تلك الخدمات بينما تدفع الزوجة ثمناً أكبر من ذلك بكثير ويفوق بالتأكيد تصور ذلك الزوج الطاعن بالسن وتصور كاتب عقد النكاح والشيخ الذي أجازه والمجتمع بأكمله بل وتصورها هي، مالم تكتشفه بعد فتره من زواجها.
لا أعلم حقيقةً مبرراً واحداً يجعلنا نلهث خلف مسميات لأنواع الزواجات إلا إن كان بحثنا عما يبرر لنا القيام بما يخالف ما شرعه الله سبحانه وتعالى ونتحايل على الأنظمة والدساتير وعلى المنطق والأعراف، الزواج هو عقد غليظ لابد أن يتم استيفاء شروطه من إيجاب وقبول وشهود ومهر وولي وفوق ذلك كله القدرة، قدرة الزوج على القيام بواجباته الزوجية سواءً كانت معاشرة أو إقامة مع الزوجة إلا إذا كان الزوج مُعدِداً فيختلف شرط إقامته إلا أن ذلك الشرط موجود حتى لو كان متزوجاً من أربع.
لابد أن يقوم الزواج على نيّة العشرة المؤبّدة من الطرفين ليتحقّق نفسياً أسباب المودة التي ذكرها سبحانه وتعالى في محكم تنزيله - من سكن نفسي ومودة ورحمة - واجتماعياً من الغاية في الإنجاب والتكاثر والتناسل وإبقاء النوع الإنساني، لا أن يقوم على نزعات ورغبات شهوانية بعيدة تماماً عن الإنسانية وصفاتها التي كرمنا الله بها.
وبذلك تستوي المعادلة وتستقيم بحيث تحصل المرأة الزوجة على حقوقها كاملة ويتمتع الرجل الزوج بسعادة الزواج والمودة والمعاشرة والإنجاب.
تلك الحقوق التي لا يمكن اختزالها بنفقة وحياة مرفهة فذلك كله زائل بل للمرأة مشاعر أنثوية ورغبات أمومية لا يمكن تجاهلها وتحييدها لمجرد أنها تقوم بإنقاذ عائلتها من الفقر باقترانها برجل طاعن بالسن وتدفع هي ثمن وضع اقتصادي سيء للأسرة لم تكن هي أحد أسباب وجوده.
حتى وإن سلمنا جدلاً بأننا نستطيع إلغاء وجود تلك المشاعر لدى المرأة المضحية ونستطيع التصديق بقدرتها على كتمان رغباتها في تحقيق وممارسة الأمومة، فإلى متى يمكن لها أن تستمر في ذلك؟ ألا يبعث حرمانها من تلك الحقوق لإضعافها ومن ثم انحرافها أو على أقل تقدير وقوعها في شرك الأمراض النفسية والعقلية؟ أليس المجتمع في ذلك يُعتبر مسئولاً عن ما يحدث فيه من تدني مستوى القيم الأخلاقية إن هي زادت حالات الزواج غير المتكافئ؟ ثم ما الذي يدفع الرجل المسن الكهل أن ينتهج هذه الطريق ويتزوج بامرأة لرعايته والقيام بواجباته؟ ألا يستطيع - وهو الميسور مادياً - أن يجلب له رجلاً ليقوم برعايته وتلبية احتياجاته؟ لايمكن أن نصدق أن للعصور الحديثة - كما يُتداول - ظروفها وبالتالي نخلق لها فتاوى مناسبة تتناسب وطبيعة تلك الظروف، فالظروف هي ذاتها التي كانت في صدر الإسلام ولم يخرج علينا من يفتينا بجواز زواجات العصر الحديثة من مسيار ومسفار ووناسة وغيرهم مما سيأتي مستقبلاً لتلبية رغبات الناس وحاجات الزمان.
إلى لقاء قادم إن كتب الله.
|
|
زواج تفصيل خاص عبدالله بن سعد العبيد
|
|