حينما تسعى دولة للهيمنة على دول أخرى وفرض سيطرتها السياسية والاقتصادية دون الاضطرار إلى استعمال القوة العسكرية التي تكفلت بها دول أخرى، فإن أسهل وسيلة لذلك استثمار أصحاب النفوس الضعيفة الذين لا ولاء لهم وجعلهم عملاء لديهم استعداد كاستعداد الذين يتهافتون على بقايا الطعام على المواد، وهذا بالضبط ما حصل ويحصل في العراق، الذي مهد قوى الاحتلال لنظام الملالي ليستثمر كل شروره فيه، فوجد في طبقة من العملاء ضالته إذ أخذ هؤلاء العملاء يتهافتون كالذباب على موائد الملالي معلنين ولاءهم وطاعتهم المطلقة لولي الفقيه.
نوعيات عديدة من هذه الطينة التي اندفعت في عمالتها حتى اعتبرها العراقيون أنهم إيرانيو الأصل وأنهم تسموا بأسماء عربية، وأنهم ضباط كبار في المخابرات الإيرانية، بعض هؤلاء انتهت صلاحياتهم فأوكلت إلى غيرهم. ليس مهما أن يكونوا بنفس الصلاحيات ولا بمستوى الوظائف، فهناك أماكن أخرى تحتاجها الدولة والنظام الساعي للهيمنة للسيطرة عليها، ولأن نظام الملالي نجح في السيطرة سياسياً من خلال تقوية تكوينات سياسية هامشية كحزب الدعوة الذي مكنه من الحكم أربع سنوات، والآن يعد العدة إلى دفع مكون سياسي آخر إلى سدة الحكم، وبعد أن أحكم سيطرته على التنظيمات العسكرية التي شكلت منها عصابات لتتحول إلى مليشيات لطخت أيدي عناصرها بدماء العراقيين، وهذه المليشيات دمجت عناصرها في المؤسسات العسكرية والأمنية التي أذاقت العراقيين عذابات متتالية ازدادت إيلاماً لهذا الشعب الذي تعرض إلى مذابح منظمة على أيدي هؤلاء الطارئين على الحياة السياسية العراقية والمجتمع العراقي الذي عرف بسمو رجاله من المثقفين والعلماء فأغرقهم المحتلون ونظام الملالي بالدهماء، والغوغائيون الذين أدى تكاثرهم إلى هيمنته السطحية والتفاهة على المشهد الثقافي، فضلا عن تراجع الأداء السياسي وطغيان الفساد الإداري والمالي.
الآن يدير شخصٌ من هذه النوعية ما يسمى بمراكز التنمية الإعلامية الذي سرج هذه المراكز لخدمة الإعلام الصفوي الفارسي، وأخذت هذه المراكز تحتضن معارض ومحاضرات تمجد ما فعله الخميني وسعيه إلى تصدير الفوضى إلى العراق ودول الخليج العربية، وتشويه صورة شرفاء إيران مثل «منظمة مجاهدي خلق» المعارضين لنظام الملالي الذي سرق ثورة الشعب الإيراني ضد الشاه.
jaser@al-jazirah.com.sa
|
|
أضواء ما فعله الملالي بالعراق جاسر الجاسر |
|