سبعون مخططاً في مدينة جدة كانت أراضيها في مجاري السيول وأودية الهلاك.., والناس المقبلون على الشراء عند الشراء، لا يعلمون ما تخبئه لهم أيام قادمة, بأمطارها وأعبائها ومهالكها.. أوقفتها لجنة الرصد والدرس والتحري في أمانة المدينة.. ولا تزال تدرس البقية وعددها 189 مخططا..
فهل كان على هؤلاء المشترين أن يصاب غيرهم بما حدث حتى يتحرك الجميع من أجل اكتشاف أخطاء الجميع؟..
لست في صدد مناقشة أمور التخطيط واختيار مواقع السكن، بل ولا أُزَجُّ في موضوعات يتصدى لها من الكتاب من يتصدى.., بل يعنيني فيها أمر الضمائر، ومنها ما يعتريها من ظلمة ودكن, قد تجلى في هذه النتيجة التي انتهى إليها أمر اكتشاف ما وراء هذه المخططات, بما يتطلب إجراءات تطول، لعل أولها تعويض المستثمرين، وإعادة حقوق المشترين, وإبدالهم بأراض أو مبالغ مقابل ما كان مخبَّأ لهم فيما تكبدوه من قيم عرقهم، وطموح استقرارهم..,
فضمائر الذين خططوا وعرضوا وباعوا وقبضوا محور تساؤلات كثيرة تبدأ بهل ؟ ولا تنتهي عند متى..؟
فهل هم على دراية بطبيعة الأرض، ومواقعها من الأودية والشعاب، ومجاري استقبال السحب، وصبيبها..؟ وعهدي بأن مخططات الأراضي السكنية ضمن أول مسؤوليات الضمير..؟
ثم متى سيستيقظ في كل صدر يتولى صاحب النبض فيه الإحساس بوجود عين لا تغفل ولا تنام؟
ألا تلحظون كم من الإنفلات في سلوك الناس، الذي يفترض أن يكون بجدية الأمانة والخشية والتقوى والأخلاق قد ظهر على سطح التعاملات ولم يكن قد تفشى كما هو الحال الآن؟..., فيما لم تعد الأخطاء الناجمة عنه تقتصر في شأن العامة من الأفراد، بل اتسعت فغدت عامة من الجماعات..؟
مثل ضياع حقوق المستثمرين في مؤسسات لا يزال البحث عن مؤسسيها قائمة، ولا تزال قضايا الاحتيال على المواطن على غير دراية, تتكدس في الهيئات المرجعية مثل هيئة الإدعاء والتحقيق, وديوان المظالم, وأقسام الأمن والمحاكم الأمر الذي يقضُّ من راحة النفوس، ليس فيما يتعلق فقط بوجود مثل هذه الأمراض في الضمائر، إذ جُبل الإنسان على وجود نماذج المحتال والمراوغ والمستفيد على غير وجه حق.., لكنه فيما يتعلق بانتشار هذا السلوك، في صلب حركية الأخذ والعطاء, بين المالك والمستثمر بمعنى بين ذي الحاجة ومن بيده أمرها, سواء في العقار أو استثمار المال أو غيرهما..بما يكبِّد الجماعات، إما في كارثة كالتي حدثت في جدة أو في ضياع حقوق كالتي لدى الهاربين بأموال الناس.., واستثمار الأسهم، وربما أيضا في المستقبل نتائج تسهيل الاستدانة والاقتراض..
فهل يحتاج ضمير الإنسان لتتبع, ورقابة، ولجان، وتعويض وو...
فمتى تعم الضمائر اليقظة بنور الخشية، ويكون شعار الجميع: لله عين لا تغفل ولا تنام...
فيتعاملون في ضوئها ليلا ونهارا.., في أدقِ الأمور، وجلِّها..؟
|
|
لما هو آت نور الضمائر د. خيرية إبراهيم السقاف |
|