لا بد لنا في أمر العمالة ألا ننتظر كثيراً الحلول، أو نطيل التنظير أو التراشق بالتهم.. من المخطئ ومن المصيب؟!.. بل من الضروري أيضاً التحول فوراً نحو أفضل حل تطرحه فرضيات الواقع النظامي في العالم من حولنا، لأننا ندرك جميعاً أننا نتعامل مع العمالة بطريقة عقيمة، وبأسلوب لم يعد ناجعاً، نظراً لأننا لا زلنا نحن وعمالتنا وأنظمتنا نعايش سبل ووسائل الاستقدام القديم.
فالأنظمة والقوانين لا أثر لها، أما إن وجد القليل منها فإنه لا يعدو كونه من قبيل الاستعراض والتظاهر بأننا مع هذه العمالة محكومون بنظام عمالي صرف، يَدَّعِي منح الحقوق، ويتخيل أنه يفرض الواجبات، ويؤكد - من قبيل الظن - على أهمية النظام وتطبيق اللوائح.
فمن المناسب أن ننهض بشكل سريع بالنظام العمالي باعتباره مشروعاً وطنياً هاماً لا بوصفه مغانم مالية أو مكاسب تجارية، وأهم من هذا وذاك أن نوفق جميعاً في اختيار العمالة المناسبة والمدربة، لعلها تساعد في ترتيب أوراق جلب العمالة ونظام العمل والعمال بطريقة مقبولة تنقذ ما يمكن إنقاذه.
ولا نود أن تكون الوطنية مجرد شعار يُسْتَحْضَرْ أو يُغَيَّبْ في فرضيات الاستقدام، إنما نود أن تكون الحركة الفعلية الصادقة مرتكزة على حيثيات الاستقدام المقنن والمدروس، فالجميع بحاجة إلى هبة ضمير، تقف في وجه مروجي «تجارة الفيز» التي بات يشار إليها بوصفها خطراً داهماً ومرضاً قد يستشري.
فالتمترس الأجوف خلف عبارات السوق الحرة والارتزاق المشروع والكسب المباح وإغماض العيون وإماتة القلوب من أجل جمع المال تحت إي ذريعة هو في الأساس كارثة لا بد لنا من أن نتحمل تبعاتها جميعاً، فالمصيبة أن من سيدفع الثمن هو الوطن وهؤلاء الذين لا حول لهم ولا طول في أمر العمالة والفيز والإقامة والترحيل.
الاعتراف المثير للدهشة والاستغراب بل ربما المضحك المبكي أن من بين هذه العمالة التي تقدر بنحو سبعة ملايين ما يقارب مليوني عامل عاطل عن العمل!! أي أنهم يصطفون إلى جوار أبناء الوطن ممن يبحثون عن وظيفة أو حتى مصدر رزق حتى وإن كان في سوق تجاري تتكالب فيه العمالة ولا تجد للمواطن أي دور في تجارته أو تصريف شؤون ماله وكسبه المشروع.
أفضل الحلول لهذه الأزمة هي التأمين الإلزامي لحفظ الحقوق، فكما نعرف أن لائحة هذا التأمين قد صدرت عام 2008م ولم تفعل حتى الآن!!.. حيث تلزم العامل بتأمين يقتطع من مرتبه، وفي حالة إخلاله بالاتفاقيات، أو الهرب تلتزم شركات التأمين بتحمل ما يقارب 60% والمتبقي يتحمله مكتب الاستقدام.
أمر لا يقل أهمية عن التأمين وهو انتقاء العمالة الجيدة - كما أسلفنا- لأن تواضع قدرات العمالة وضعف حرفيتها، والاستغلال الجشع ضدها هو ما جعلنا في حرج كبير، أسهم في خلط الأوراق، وقلب المفاهيم، فأصبحت القضية مجرد ارتزاق وطلب مكاسب.
hrbda2000@hotmail.com
|
|
بين قولين بين التأمين والكفالة! عبد الحفيظ الشمري |
|