لن يكون بالإمكان الحصول على إحصاءات محلية دقيقة حول ظاهرة التحرش الجنسي في أماكن العمل، وهي ظاهرة بدأت تشغل حيزاً كبيراً في اهتمامات الرأي العام العالمي، كونها تؤثر سلباً على الموظفات، وتقيِّد عطاءاتهن الوظيفية، وربما تتسبب في تركهن للعمل أو في إصابتهن بحالات نفسية تجعلهن غير قادرات على التعايش مع الناس داخل أو خارج المكتب.
لماذا لا نستطيع الحصول على الإحصاءات الدقيقة؟! لأن الموظف حينما يتحرش بزميلته أو مرؤوسته أو المتقدمة للعمل عنده، فهو بذلك يستغل سلطته الذكورية أو سلطته الوظيفية، وهو يعرف تمام المعرفة، أن الفتاة أو السيدة لم تحصل على العمل أو لن تحصل عليه إلا بشق الأنفس، ولذلك فإنها لن تبلغ عن هذا التحرش، حرصاً منها على لقمة عيشها، أو لكونها امرأة فاقدة السلطة لا تحب أن تحوم حولها شبهة جنسية.
من هذا المنطلق، فإن الوسيلة الوحيدة لحماية بناتنا وأخواتنا من هذه الظاهرة المستجدة، هي تأسيس رقم هاتفي مجاني، يتم فيه تسجيل صوتي لكل محاولات التحرش بالموظفات، وأن تقوم جهة مختصة بالتعامل مع التسجيل بكل سرية، ودون أن يشعر المتحرش، إلى أن يتم الإيقاع به. وحينما يقع واحد أو اثنان أو ثلاثة موظفين، وينالون جزاءهم الرادع، فإن الآخرين سيعملون ألف حساب قبل أن يفكروا بممارسة هذا الفعل المريض الخسيس والدنيء، والذي يباركه بعض المدراء، والذين حينما تسألهم: «هل ترضى أن يتحرش أحد موظفيك بابنتك»، يرد عليك: «أنا أصلاً لا أرضى أن تعمل ابنتي هنا»!
إن مثل هذا المدير المتناقض، الذي نشأ وهو يسمع حديث رسول صلى الله عليه وسلم: «كلكم راعٍ، وكلكم مسؤول عن رعيته»، والذي في نفس الوقت لا يحرك ساكناً وهو يرى موظفيه وهم يتحرشون بموظفاته، يجب أن يكون أول المتهمين بجريمة التحرش.
|
|
باتجاه الأبيض أولُّ المتحرّشين سعد الدوسري |
|