يوم انطلق الأمير الشاب عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ميمماً وجهه شطر الوطن حاملاً بصدره آمالاً كباراً لصنع تاريخ مختلف، وجمع ما تفرق شتاته، استطاع بعزيمة الرجال وقلب لا يهاب الموت دخول الرياض في الخامس من شهر شوال 1319هـ الموافق 17 يناير 1902م متغلباً على خصومه، ليضم بعد ذلك الأحساء والقطيف وباقي بلدان نجد والحجاز، ويصبح الأمير عبدالعزيز ملكاً على الحجاز في الثامن من يناير 1926م.
صدر مرسوم ملكي في يوم 23 سبتمبر 1932م الموافق 21 جمادى الثانية 1351هـ قضى بتوحيد مقاطعات الدولة التي أصبحت بمقتضى هذا المرسوم (المملكة العربية السعودية) وملكها المغفور له الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وأصبح هذا التاريخ هو اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، ثم ضم إقليم عسير وجزءاً من صحراء الربع الخالي لسلطة آل سعود الصاعدة صعود الشهب في عام 1934م.
ثم اكتمل العقد اللؤلؤي باكتشاف النفط في المملكة عام 1938م فأسهم في ازدهار الاقتصاد، وشجع المجتمع الدولي على التواصل وعقد الصفقات الكبرى مع المملكة التي بدأت في إنجاز برامج تطوير وتحديث للبنى المختلفة في الدولة بشكل جدي غير مسبوق لم تعهده البلاد من قبل.
إن التجربة الوحدوية الأنجح في تاريخ العرب المعاصر هي تلك التي أنجزها المغفور له الملك عبدالعزيز آل سعود في توحيد الجزء الأكبر والأهم من جزيرة العرب في كيان سياسي واقتصادي واحد تقوم على إدارته مؤسسات دولة قادرة وفاعلة، بعدما كانت شبه جزيرة العرب مرتعاً للحروب والخلافات، متشظية تحت قيادات عدة أغلبها هش وواهن لا وجود سياسي أو اقتصادي له.
لقد نجح المغفور له الملك عبدالعزيز ومن بعده أبناؤه من الملوك الذين ساروا على نهجه القويم في إنشاء كيان سياسي واقتصادي قوي ومؤثر على المستويين الداخلي والخارجي، حيث استطاعت الدولة السعودية أن تؤسس لبنية أساسية قوية وأن تنميها لصالح المواطن السعودي في مختلف مجالات الحياة مثل الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية، والاقتصادية بما تمثله الصناعة والتجارة من أنشطة حيوية لا يمكن لها أن تنجح إلا تحت رعاية ودعم دولة قوية.
لقد ركزت خطط التنمية السعودية دوماً على رفع مستوى المعيشة، وتحسين نوعية حياة المواطنين، وتوفير فرص عمل جديدة، وتنمية الموارد البشرية بتطوير التعليم والتدريب، وإكساب المهارات، والتوسع في العلوم التطبيقية في الوقت الذي تعد فيه السعودية من أعلى معدلات النمو السكاني في العالم.
ونجحت الدولة السعودية في أن تلعب دوراً حيوياً في السياسة الإقليمية والعالمية، مما جعلها لاعباً أساسياً في السياسة الدولية حيث تقوم السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية على مبادئ وثوابت ومعطيات جغرافية - تاريخية - دينية - اقتصادية - أمنية - سياسية وضمن أطر رئيسية أهمها حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وتعزيز العلاقات مع دول الخليج والجزيرة العربية، ودعم العلاقات مع الدول العربية والإسلامية، بما يخدم المصالح المشتركة لهذه الدول ويدافع عن قضاياها، وانتهاج سياسة عدم الانحياز وإقامة علاقات تعاون مع الدول الصديقة ولعب دور فاعل في إطار المنظمات الإقليمية والدولية، وتنشط هذه السياسة من خلال عدد من الدوائر الخليجية، العربية، الإسلامية، الدولية.
إن الاحتفال باليوم الوطني هو احتفال بالانتماء، وبالنجاح الذي تحقق على أيدي رجال مخلصين، صنعوا التاريخ ببنائهم للوطن، وحققوا نقلة تاريخية لمنطقة في قلب العالم، لتتحول من مجتمع رعوي بسيط إلى دولة حديثة، تمتلك عناصر الوجود الحضاري المتقدم، فجعلوا هذه المنطقة من الوجود وطناً أكثر نجاحاً.
مدير عام الشؤون الصحية بمنطقة حائل