الجزيرة - أحمد القرني
تشهد الخدمات الصحية في المملكة نقلة نوعية كماً وكيفاً في كافة المستويات الوقائية والعلاجية والتشخيصية والتأهيلية، وذلك من خلال المستوى المتقدم الذي وصلت إليه أنظمة الرعاية الطبية وأساليب تقديم الخدمات الصحية المعمول بها في البلاد، كما تدل الإحصائيات في هذا المجال دلالة واضحة على مقدار التطور الذي شهده قطاع الخدمات الصحية بكافة مستوياته، حيث تحققت إنجازات متميزة في كافة المنشآت الصحية.
وفي إطار الرؤية المتكاملة للمقام السامي الكريم لبناء مستقبل بلادنا الغالية، وانطلاقاً من حقيقة أن الصحة العامة جزء لا يتجزأ من أمن وتقدم ورفاهية وطننا، وانطلاقاً من رسالة الوزارة الرامية إلى توفير الرعاية الصحية الشاملة والمتكاملة الوقائية والعلاجية والتأهيلية والتعزيزية بما يتماشى مع مبادئ الشريعة الإسلامية وأخلاقيات المهن الصحية، وبما يحقق رضا المستفيدين من المراجعين والمرضى وأسرهم ومجتمعهم من خلال رفع مستوى الوعي الصحي وتحقيق العدالة في توزيع الخدمات الصحية كماً ونوعاً على مختلف مناطق المملكة ؛ تسعى وزارة الصحة من خلال المشروع الوطني للرعاية الصحية المتكاملة والشاملة الذي تم عرضه مؤخراً على خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - إلى تحويل الاهتمام من التركيز على النظام الصحي المعتمد على المستشفى، إلى التركيز على احتياجات المستفيد من الخدمة، مما يمكن المواطن من الحصول على سلسلة متواصلة من الخدمات الوقائية والتعزيزية والتشخيصية والعلاجية والتأهيلية .. وتتلخص أهداف المشروع في تعزيز وتقوية الرعاية الصحية الأولية واستخدام مرافق الرعاية الصحية التابعة للوزارة بشكل فعال، وتوفير رعاية صحية متكاملة لجميع المواطنين وضبط جودة خدمات الرعاية الصحية واستقطاب الاستشاريين المتخصصين في جميع التخصصات المطلوبة، وتأمل الوزارة أن يحقق هذا المشروع حال إقراره سهولة الوصول إلى الخدمة المناسبة لجميع المواطنين مع السرعة في تقديمها، وذلك من خلال نظام إحالة ونقل قوي ومتكامل لجميع المستويات، كما سيتم من خلال تنفيذ هذا المشروع رفع معدلات الأسرة للسكان إلى معدلات قياسية تتناسب مع أعباء المراضة والوضع الصحي للسكان في المملكة.
يتكون المشروع من ثمانية مكونات هي: تطوير وإعادة هيكلة المستشفات وتعزيز وتقوية الرعاية الصحية الأولية وتطوير نظام الإحالة بين المرافق الصحية.
إلى جانب تقوية نظام النقل الإسعافي وتطوير برنامج المعلومات الصحية والصحة الإلكترونية وتنمية القوى البشرية وتعزيز وتأمين الأدوية والمستلزمات الطبية.
وتهيئة مرافق وزارة الصحة لتطبيق أنظمة الجودة وشروط الاعتماد.
ومن أبرز من الإنجازات التي حققتها الوزارة خلال الفترة القليلة الماضية استحداث الرقم الموحد للطوارئ، حيث مكن هذا الرقم الموحد الوزارة من التعامل الفوري مع 3450 حالة إخلاء داخلي من المستشفيات الطرفية إلى المستشفيات المرجعية بمعدل 12 حالة يومياً، وإحالة 19 حالة إخلاء خارجي من خارج المملكة إلى المستشفيات المرجعية، كما شاركت الوزارة من خلال الإدارة العامة للطوارئ الإشراف على شحن 25 طناً من الأدوية لتجهيز المستشفيين الميدانيين بباكستان وتزويدهما بالكوادر الطبية اللازمة.من جانب آخر حقق برنامج الرعاية الصحية المنزلية الذي تم استحداثه مؤخراً ضمن عدداً من البرامج والإدارات نجاحاً كبيراً، حيث بلغ العدد التراكمي للمرضى المستفيدين من البرنامج منذ تأسيسه (3822) مريضاً منهم (790) مريضاً تم إلحاقهم بالبرنامج خلال الثلاثة أشهر الأخيرة وجميعهم يتلقون الرعاية الطبية المتخصصة.
من جانب القوى العاملة والتدريب وقعت وزارة الصحة عقداً مع معهد الإدارة العامة لتدريب الإداريين بواقع 16100 موظف، حيث تم تدريب حوالي 7000 متدرب، كما وقعت الوزارة عقدا آخر مع GE لإعداد الخطة الإستراتيجية لمركز التدريب. وتم ابتعاث 260 طبيباً وممرضاً وتدريب ما يقارب 200 موظف على القيادة من المديرين القياديين، إضافة إلى ذلك فقد وصل مؤخراً أكثر من 16000 طبيب وممرض وفني من الخارج، وحضور أكبر عدد من الأطباء والاستشاريين.
ومن جانب التموين الطبي قامت وزارة الصحة بتحديث طريقة الشراء المباشر للوزارة بفتح نافذة للشراء المباشر من شركات عالمية خارج المملكة والحصول على أفضل الأسعار، مقارنة بما كان يقدم سابقاً من شركات داخلية لتوفير الأدوية المهمة والحساسة وبالسرعة المطلوبة.
كما قامت الوزارة باستبدال عدد 2 مليون جرعه من لقاح أنفلونزا الخنازير (H1N1) من شركة GSK بقيمة إجمالية أكثر من 70 مليون ريال، واستبدالها بأدوية ولقاحات تستعملها الوزارة دون أي تكلفة مالية على مقام الوزارة، حيث تم استبدال لقاح الأنفلونزا H1N1 من شركة سنوفي باستير بلقاح منيكترا وبسعر لم يسبق أن قدم بالعالم وتقديم الشركة مبلغ 2.5 مليون دولار تستخدمها الوزارة لشراء أي عقار من قبل الشركة دون أدنى تكلفة مالية على الوزارة، مع تقديم مليون جرعة من لقاح الحصبة مجاناً.
كما قامت الوزارة بإدخال بعض بنود الأدوية الحساسة (Brand) منها أدوية القلب والسكر والضغط والربو وبنفس سعر الجنيس (Generic)
كما تم إعداد مشروع تشجيع الرضاعة الطبيعية ودعم صندوق الوزارة بمبلغ وقدره 25 مليون ريال. إضافة إلى تطوير نظام التخطيط الدوائي لتلافي انتهاء صلاحية الأدوية وتفعيل التنسيق المترك بين مناطق المملكة لتدوير الأدوية الراكدة. كما تم تطوير قائمة اللقاحات واختيار أفضل المواصفات، وعدم الاكتفاء بالمواصفات الفنية، بل واكب ذلك الحصول على أقل الأسعار.
وفيما يتعلق بضمان الجودة فإنّ الوزارة تحرص لضمان تقديم خدمات صحية ذات جودة عالية، حيث تم تأهيل (30) مستشفى لغرض الحصول على الاعتماد من المجلس المركزي لاعتماد المنشآت الصحية حيث حصلت منها (21) مستشفى، كما يجري الإعداد للاعتماد من قبل الهيئة الأمريكية المشتركة لعدد (9) مستشفيات من مستشفيات الوزارة.
وتعد الوزارة حالياً لتنفيذ برنامج دبلوم الجودة والذي يستهدف (240) من الكوادر الوطنية، كما تم إعداد مسودة إجراءات وسياسات العمل في مستشفيات وزارة الصحة ومسودة اللائحة الطبية للمستشفيات باللغتين العربية والإنجليزية.وعلى مستوى الخدمات الوقائية التي تقدمها الوزارة فقد بلغت نسبة التحصين ضد الأمراض المستهدفة أكثر من 97% لجميع اللقاحات، كما تم إدخال لقاحين جديدين في جدول التحصينات الأساسية وهي لقاح الجديري المائي ولقاح الالتهاب الكبدي (أ). ونتيجة لهذه التغطية العالية فقد انخفضت معدلات الإصابة لمعظم الأمراض مثل مرض الدرن الذي انخفض معدل الإصابة به وسط الأطفال أقل من 15 عاماً إلى 2.6 لكل 100.000 نسمة، وهو أقل من معدل حدوثه العالمي وهو 305 لكل100.000، كما انخفضت نسبة الإصابة بالدرن بين المخالطين إلى 1% مقارنة (1 ـ 3%) عالمياً كما تم القضاء على أمراض مستهدفة بالتحصين مثل شلل الأطفال إضافة إلى الجهود الوقائية المستمرة التي أدت إلى خفض معدلات الإصابة بمرض البلهارسيا والملاريا، كما تم إدخال لقاحات جديدة واستحداث وتنفيذ برنامج وطني لمكافحة الليشمانيا، حيث تم ولأول مرة هذا العام 1431هـ طرح مناقصة لشراء طعوم وسموم لمكافحة الخازن لأمراض الليشمانيا مثل القوارض وقد تم تأمينها وتوزيعها على المناطق.
وحول البرنامج الوطني لمكافحة داء السكري، فقد تم خلال هذا العام الانتهاء من بحث معالي الوزير (وبائيات مرض السكري وعبء المراضة واقتصاديات السكري بالمملكة والانتهاء من بحث (Saudi Diabetes Risk Score Validation) بالتعاون مع خبراء منظمة الصحة العالمية، وقد انتهت الوزارة من إنشاء (12) مركزاً من أصل (20) مركزاً لعلاج مرضى السكري حيث بلغ عدد الحالات المسجلة إلكترونياً عبر البرنامج الإلكتروني لتسجيل حالات السكري في الرعاية الصحية الأولية بالمكتب التنفيذي لوزراء صحة دول مجلس التعاون الخليجي 360.000 حالة لعام 1431هـ في مراكز الرعاية الصحية الأولية التابعة لوزارة الصحة، كما بدأت الوزارة في تطبيق برنامج الترصد والاكتشاف المبكر لحالات السكري الغير مشخصة في بعض مراكز الرعاية الصحية الأولية في بعض المناطق والمحافظات.
أما فيما يتعلق ببرنامج الفحص المبكر لحديثي الولادة، فقد بلغ عدد المفحوصين خلال عام 1431هـ 32931 مولود سجلت منها (30) حال إيجابية.
إلى ذلك فقد بلغ عدد العينات المفحوصة في برنامج الزواج الصحي للأمراض الوراثية (المنجلية والثلاسيميا) 179523 عينة خلال عام 1431هـ حيث بلغ عدد الحالات السلبية 171617 حالة بينما تم تسجيل (7910) حالة إيجابية منها 6317 حالة لشخص حامل منجلية بنسبة 3.52% و355 حالة مصاب بنسبة 0.20% فيما بلغ عدد الحاملين لمرض الثلاسيمسا 1218 شخص بنسبة 0.68% مقابل 20 حالة لمصابين بهذا المرض بنسبة 0.01%. وقد أصدر البرنامج خلال هذا العام 85773 شهادة توافق مقابل 883 شهادة عدم صحي.
أما فيما يتعلق بإحصائية الأمراض المعدية لبرنامج الزواج الصحي لهذا العام فقد بلغ عدد العينات المفحوصة 179523 عينة سجلت منها 2697 عينة إيجابية منها (50) حالة لمرض الإيدز و(2161) حالة لمرض التهاب الكبدي (ب) و(486) حالة لمرض التهاب الكبدي (ج).
وعن خدمات طب الأسنان فشهدت الخمس سنوات الماضية من خطة التنمية الثامنة زيادة ملحوظة في أعداد عيادات طب الأسنان في المستشفيات والمراكز الصحية والمراكز التخصصية لطب الأسنان، حيث تقدم الخدمات العلاجية والوقائية في مجال طب وجراحة الفم والأسنان وذلك من خلال (2083) عيادة للأسنان موزعة على المراكز الصحية والمستشفيات ومراكز طب الأسنان التخصصية لتغطي كافة مناطق ومحافظات المملكة حيث توجد (1166) عيادة بالمراكز الصحية و(502) بالمستشفيات، إضافة إلى 413 عيادة بمراكز الأسنان التخصصية.
ومما يجدر ذكره أن عدد مراجعي عيادات طب الأسنان والمستفيدين من البرامج الوقائية بلغ 3.819.335 مراجعاً و1.731.191 مستفيداً من البرامج الوقائية خلال عام 1429-1430هـ.
وفيما يخص الطب العلاجي قامت الوزارة بافتتاح (7) مستشفيات خلال هذا العام 1431هـ بسعة سريرية تتراوح ما بين (50 - 200) سرير بكل من محافظة الوجه بمنطقة تبوك (200 سرير) وطريف بمنطقة الرياض(200 سرير)، إضافة إلى البجادية وضرمة بمنطقة الرياض ويدمة بمنطقة نجران والغزالة بمنطقة حائل. وأما عن المركز السعودي لمكافحة الأمراض والوقاية منها فتخطو حكومة خادم الحرمين الشريفين ممثلة في وزارة الصحة خطوات جادة لإنشاء المركز السعودي لمكافحة الأمراض والوقاية منها (Saudi CDC) تحت مظلة وزارة الصحة والذي سيقوم بدور حيوي كبير في مكافحة ومراقبة الأمراض على غرار الدور المميز الذي تقوم به مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في أطلانطا بالولايات المتحدة الأمريكية، وذلك ضمن منظومة الخدمات الصحية لوزارة الصحة والخدمات الإنسانية بالولايات المتحدة الأمريكية.
ويقع مشروع مركز المملكة العربية السعودية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها في منطقة بنبان بشمال غرب مدينة الرياض على أرض مساحتها الكلية 130.071.91م2 شاملة التوسعات المستقبلية خصص منها مساحة 67.675 م2 لإقامة المشروع الذي انتهى من بنائه ما نسبة 85%. ويهدف هذا المركز إلى تحقيق الأهداف الصحية المرتبطة بالسياسات والاستراتيجيات الوطنية لكل دولة، ورفع وتطوير قدرات العاملين بالمراكز والمختبرات الصحية، وتوفير بنك المعلومات الصحية والتقنيات المتعلقة بذلك، والاستعداد والتصدي المبكر للأمراض والفاشيات عند ظهورها، واكتساب القدرات والفرصة للتعرف على ما يكتشف من كائنات جديدة مسببة للأمراض والتعامل معها وعمل الأبحاث للاستفادة من ذلك بكافة الصور مثل عمل الأمصال وغيرها وتقديم الاستشارات للدول الأخرى (المستوى الإقليمي - الدولي). أما ما يتصل بالمختبر الوطني الصحي فتعتزم الوزارة تشغيل المختبر الوطني الصحي الذي يقع في مساحة تبلغ 132 ألف متر مربع بتبرع سخي بالأرض المقام عليها المشروع من سمو ولي العهد وبتكلفة إجمالية بلغت 320 مليون ريال. حيث يضم خمسة أبراج تشتمل على المعامل والمختبرات المرجعية المجهزة بأحدث الأجهزة والكوادر المخبرية المؤهلة، وسيساهم هذا المختبر في توفير خدمة تشخيصية متقدمة في مجال الأمراض والأوبئة الفيروسية خاصة.
ويعد مشروع إنشاء المختبر الصحي الوطني في الرياض الذي يجري إنشاؤه حالياً بالرياض، الأكبر على مستوى الشرق الأوسط.