الطائف - واس
نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - رعى صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ مساء أمس، حفل افتتاح فعاليات سوق عكاظ الثقافي الرابع تحت شعار «سوق عكاظ - ملتقى الحياة».
وكان في استقبال سموه في موقع السوق في منطقة العرفاء بالطائف صاحب السمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وزير التربية والتعليم عضو اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ ومعالي وزير الثقافة والإعلام عضو اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجه ومعالي محافظ الطائف فهد بن عبدالعزيز بن معمر وأمين الطائف المهندس محمد بن عبدالرحمن المخرج ومدير شرطة منطقة مكة المكرمة اللواء جزاء بن غازي العمري وعدد من المسؤولين.
وقد وصل في معية سموه: صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس الهيئة العامة للسياحة والآثار عضو اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ. وفور وصول سمو أمير منطقة مكة المكرمة عزف السلام الملكي ثم قام سموه ومرافقوه بجولة في «جادة عكاظ « التي تجاوز طولها الكيلو متر امتداداً من قبة النابغة حتى المسرح حيث اطلع سموه على المواقع على جانبي الجادة من محلات ومعارض وأركان للحرف اليدوية التقليدية واستمع إلى شرح عن الأعمال والبرامج والفعاليات التي تنفذ في الجادة من أعمال مسرحية «درامية» تاريخية متنوعة (مسرح الشارع) تمثل جوانب الحياة والأنشطة التي كانت تتم في سوق عكاظ قديماً، وتؤدى باللغة العربية الفصحى، إضافة إلى إلقاء الشعر العربي الفصيح، وبخاصة المعلقات، وإلقاء الخطب، والتي بنيت عليها شهرة سوق عكاظ، ويؤديها ممثلون محترفون وهواة على طول الجادة، من بينهم عدد من أبناء الدول العربية، وبخاصة سوريا الشقيقة حيث أنتجت أشهر الأعمال التاريخية العربية وأمسيات أدبية وثقافية شارك فيها نخبة من المثقفين والأدباء والشعراء والإعلاميين وغيرهم.
كما اطلع سمو أمير منطقة مكة المكرمة خلال جولته في جادة عكاظ على موقع يمثل أحد الأحياء التي كانت تقام في عكاظ يحتوي على عناصر مختلفة من الحياة في عكاظ مثل بيوت الشَعَر المصنوعة من مواد خاصة بعكاظ ومجهزة من الداخل على الطراز العربي.
وشاهد سموه في الجادة عروضاً لنماذج من الحياة اليومية المعروفة في عكاظ قديماً مثل مرور القوافل والشعراء على الإبل والخيل وإلقائهم لقصائدهم وأدبهم في السوق باللغة العربية الفصحى وعروضاً للألعاب الشعبية والرياضات التراثية ومحلات للحرف والصناعات اليدوية يعمل بها حرفيون وحرفيات من المملكة وبعض الدول العربية على تصنيع وبيع منتجاتهم بشكل حي ومباشر بما في ذلك الحرفيون المرشحون لجائزة عكاظ للحرف اليدوية المقدمة من الهيئة العامة للسياحة والآثار.
بعدها زار سموه محلات الأسر المنتجة للمأكولات الشعبية ومحلات بيع المأكولات والمقاهي وباعة المنتجات الزراعية والفواكه المنتجة في محافظة الطائف والمدن القريبة منها، إضافة إلى محلات عرض وبيع المقتنيات والقطع الأثرية وبيع الهدايا التذكارية التاريخية اليدوية (مثل المعلقات المكتوبة على رقاع من الجلد وغيرها والصخور المنحوت عليها أبيات شعر من قصائد المعلقات)، إضافة إلى عروض الفنون الشعبية من الفرق المشاركة في جائزة عكاظ.
عقب ذلك توجه صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز ومرافقوه إلى موقع الحفل الخطابي المعد بهذه المناسبة حيث عزف السلام الملكي ثم بدأ الحفل بتلاوة آيات من الذكر الحكيم بعدها شاهد سموه والحضور فيلماً وثائقياً يحكي صورة سوق عكاظ قديماً وجهود إحياء السوق في عهد الملك فيصل بن عبدالعزيز - رحمه الله - ثم عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله - سنة 1428هـ حيث أمر بإحياء السوق مجدداً وحمل الأمانة أمير منطقة مكة المكرمة صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز.
عقب ذلك وقع سمو أمير منطقة مكة المكرمة على حجر الأساس لخيمة سوق عكاظ إيذاناً ببدء الأعمال الإنشائية فيها على مساحة تتجاوز أربعة آلف متر مربع ويستغرق تنفيذها ثمانية أشهر وتحتوي على قاعة كبرى تتسع لنحو 3000 شخص مع جميع الخدمات المساندة لها بتكاليف وصلت نحو 36 مليون ريال.
ثم ألقى معالي وزير الثقافة والإعلام كلمة تقدم فيها بأسمى الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - يحفظه الله - على الرعاية الكريمة لسوق عكاظ تعبيراً عن اهتمامه - أيده الله - برعاية الثقافة والفنون والآداب وعنايته الفائقة بتنمية العمل الثقافي في بلادنا ولسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني - حفظهم الله - على مؤازرتهما للحركة الثقافية في المملكة العربية السعودية.
ورحب معاليه بسمو أمير منطقة مكة المكرمة رئيس اللجنة الإشرافية العليا لسوق عكاظ وأصحاب السمو والمعالي وضيوف السوق والحضور.
وقال: ليس من اليسير على من اصطفت الكلمات على لسانه شعراً أن يستشرف اليوم لحظة طالما استشرفها أسلاف له من شعراء العربية في تاريخها الطويل يقف حيث يقفون ويتنسم هواء طالما تنسموه ويكاد يسمع وقع خطاهم وها هي كلماتهم تختلط بكلماته.
وأضاف: إنني أرى من وراء حجب الزمان خيمة النابغة الذبياني ويمينه حسان بن ثابت وعن شماله الخنساء يحكمانه في شعريهما وتحت تلك الأجمة فتية تبدو على سيمائهم علامة النجابة والشرف يتقارضون الشعر بحراً بحراً، وسرعان ما يسكتون حينما برز ذلك الفتى البكري طرفة بن العبد الذي حين أناخ ناقته الجمالية العوجاء أنشد يقول كلاماً لا يصدر إلا عن نفس عزيزة أبية:
إذا القوم قالوا من فتى خلت أنني
عنيت فلم أكسل ولم أتبلد
ولست بحلال التلاع مخافة
ولكن متى يسترفد القوم أرفد
وإن يلتقي الحي الجميع تلاقني
إلى ذروة البيت الرفيع المصمدي
وأردف معاليه قائلاً: ثم ها هي ذي القرون يتبع آخرها أولها وينزل الشعراء عكاظاً يتبارون وينشدون يحف بهم من الأمير جلاله، ومن الشاعر جماله؛ فلك أيها الأمير الشاعر تحية الشاعر للشاعر، فقد ادخر للتاريخ إحياء سوق عكاظ جديده فتية، وفزت برضا أسلاف لك من الشعراء قلما أذعنوا إلى صوت الشعر وهكذا هو الشعر لا يلين عويصه ولا يستأنس وحشيه إلا إذا اطمأن بين يدي شاعر يوسعه ترفقاً وتحسباً ويبيت بأطلال القوافي يديم قرعها فعسى أن تستجيب.
ومضى معالي الدكتور خوجه قائلاً: ليس كل الأمكنة سواء، وليس كل الرموز سواء، وها نحن الآن نستعيد أعظم رمز شعري في تاريخ العرب (عكاظ)، وعجب هذه الرموز حين تتعالى على شرط اللغة والتاريخ والجغرافيا وتندس في كلماتنا؛ فالرمز حينما يصبح رمزاً يعلوه عن كل تحديد، وإذا ما اكتشفنا تاريخ رمز ما فإننا ندهش أنه لم يكن ليهمنا المعنى اللغوي للرمز، وها نحن نستخدم في كلماتنا تلك الكلمات الرموز مثل عكاظ وذي سلم وبطن نعمان والعقيق ورماح ودارين، ولا يعني الشاعر من أمر تلك الأمكنة إلا تحولها إلى طاقة تختزن في أعماقها سحر الشعر وجاذبيته؛ فكلمات الشعر إنما تنتزع نزوعاً خفياً، وكأن بين الشعر وكلمات اللغة حبلاً سرياً لا ينبتر، وكأن الشعراء لم يفطموا بعد عن كلمات اللغة؛ فهي الأم وهي الرحم، وما إن يحس الشاعر بزلالة الشعر فإنه يعرف دربه أو لنقل تعرف كلماته ما تريد، وحين ذاك تنبعث الرموز حية ومعها كل تاريخها، وما أجل ذلك الحدث المهيب الذي اجتمع له شعراء العرب قبل ما يزيد على 80 عاماً؛ ليبايعوا شاعر العربية الكبير أحمد شوقي أميراً للشعراء؛ فلم يجد شوقي وهو دهقان اللغة سوى رمز عكاظ ليلوذ به، ونخل كلمات اللغة وانتخب منها عكاظية شماء حين ألقى في مهرجان تكريمه معنى من عكاظ، وقال:
يا عكاظاً تألف الشعر فيه
من فلسطينه إلى بغدانه
وها هو عكاظ الذي كان مجازاً في قصيدة شوقي العظيمة يصبح حقيقة تاريخية حين أعاد خالد الفيصل إلى رفاقه من الشعراء هذه السوق جزعة على هذا الأديم العكاظي الذي ينضح بالشعر والحكمة وكأنه يستحث الشعراء أن عودوا إلى عكاظ إذا ما ضن الزمان بالشعر وأن أنيخوا ركائبكم في سوقه فهي عامرة بالشعر الأبي الحرون.
صاحب السمو.. أيها الإخوة والأخوات.. ضيوفنا الكرام.. لا ذنب لي إن جنحت كلماتي عن المعتاد والمألوف من القول؛ فهل بمستطاع شاعر أن ينجو من سطوة المكان وسلطان الكلمات؟ فأنا في مهبط الشعر وفي واديه المضمخ بالعبقرية ألوذ بكلماته النافرة؛ فعسى أن أمسك بشواربها وعسى القلب أن يستقر في مكانها.
وبارك معالي وزير الثقافة والإعلام للعكاظيين الجدد أن فازوا بجوائز سوق عكاظ العظيمة وانضموا إلى خيمة النابغة.. مرحباً بمعالي وزير الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر الشقيقة الدكتور محمد بن عبدالعزيز الكواري، والتي احتفلت بالدوحة عاصمة للثقافة العربية عام 2010م وللمثقفين والمثقفات.
بعد ذلك شاهد سمو أمير منطقة مكة المكرمة والحضور فيلماً عن الفائزين بجوائز عكاظ لهذا العام.
بعدها قام سمو أمير منطقة مكة المكرمة بتكريم شاعر عكاظ لهذا العام الشاعر شوقي بزيع من لبنان عن قصيدته (مرثية الغبار) وقلده بردة شاعر عكاظ ثم ألقى الشاعر الفائز بالجائزة أبياتاً من قصيدته الفائزة.
كما كرم سموه الفائز بجائزة شاعر شباب عكاظ ناجي بن علي حرابة وبجائزة لوحة وقصيدة الفنان التشكيلي محمد إبراهيم الرباط عن لوحته «الخيل» وجائزة الخط العربي مناصفة بين كل من صباح الأربيلي ومثنى العبيدي وجائزة التصوير الضوئي سامي إبراهيم حلمي سليمان وبيان أحمد بصري. كما تم تكريم الرعاة والجهات المنظمة لفعاليات سوق عكاظ.
بعد ذلك تسلم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل ومعالي وزير الثقافة والإعلام درعي الدوحة عاصمة للثقافة العربية لعام 2010م من معالي وزير الثقافة والفنون والتراث القطري.
كما تسلم سمو الأمير خالد الفيصل وسمو الأمير فيصل بن عبدالله بن محمد آل سعود وسمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز ومعالي وزير الثقافة والإعلام ومعالي وزير الثقافة والفنون والتراث القطري هدايا تذكارية بهذه المناسبة قدمها معالي محافظ الطائف.
بعدها شاهد سموه والحضور مسرحية بعنوان «طرفة بن العبد» تناولت شخصيته وأثره من خلال مشاهد عديدة تعبر عن مواقفه، وإثر ذلك قدمت فقرة فنية.
حضر حفل الافتتاح أصحاب المعالي الوزراء وكبار المسؤولين من مدنيين وعسكريين.
كما حضر الحفل ضيوف السوق من الشعراء والكتاب والنقاد والإعلاميين والفنانين التشكيليين والمصورين الفوتوغرافيين من داخل المملكة العربية السعودية ومن الدول العربية الشقيقة.