ما كان يُعدُّ خيالاً علميًّا، ويُقدَّم على أنه عملٌ روائيٌّ، ويُصنَّف إبداعًا أدبيًّا، أصبح واقعًا علميًّا وعمليًّا، وما كان يُعتبر محض خيال أصبح الآن يُمارَس ويُستغل في العديد من القطاعات والاهتمامات الاستراتيجية والصناعية والصحية وأخيرًا الأعمال العسكرية، وخصوصًا تطبيقات التقنيات المعلوماتية التي ترجمت كل ما كنا نقرؤه ونسمعه عن أدب الخيال العلمي؛ حيث أصبحت التقنية الإلكترونية سلاحًا فتاكًا يُستعمل في حسم المعارك.

وقد شهدت الأعوام القليلة الماضية العديد من هذه المعارك، التي وإنْ لم يُعلن عنها إلا أن المختصين يعرفون مدى الآثار التي حصلت من جرائها.

والآن تحتدم معركة شرسة بين أمريكا والغرب من جهة، وإيران من جهة أخرى؛ فبعد أن عجزت القوى الغربية في وقف البرنامج النووي الإيراني المثير للقلق، والمتهم باستغلاله لتصنيع الأسلحة النووية، ها نحن نرى كلاً من أمريكا والغرب قد طوَّرا أسلحتهما الإلكترونية وشنّا هجمات عبر أسلحة «الفيروسات». وقد كشف مسؤول إيراني كبير أن هجمات الفيروس «ستوكس نت» أصابت أكثر من 30 ألف جهاز كمبيوتر في عدد من الصناعات العسكرية الإيرانية.

العلماء والمتخصصون في الحروب الإلكترونية يرون أن هجمات الفيروسات الموجَّهة إلى الصناعات العسكرية والمفاعلات النووية الإيرانية في بدايتها، وأن الحرب الإلكترونية ستصبح السمة البارزة في حروب المستقبل؛ فبالإضافة إلى توظيف «الفيروسات» لتدمير الصناعات العسكرية التي تدخل في برامجها التقنيات المعلوماتية، هناك استثمار يتسع كثيرًا بإحلال آلات إلكترونية أو برامج معلوماتية محل الجيوش، بما يُحدث دمارًا يفوق كثيرًا ما تحدثه أعتى الجيوش.

هذا الوقع يكشف صورة من مواجهات المستقبل التي تؤكد أن التقنية وعلومها قد تحسم ما لا تستطيع البندقية حسمه.

***