عندما بُعث محمد بن عبدالله عليه أفضل الصلاة والسلام انبرى أقرب الأقربين منه وقال إنه ساحر أو مجنون! ونال من الأذى الشيء الكثير، وبخاصة من قومه وعشيرته الأقربين.
ويوم قامت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وبمؤازرة من الإمام محمد بن سعود - رحمهما الله - كان لها نصيب الأسد من هذا الإيذاء والتخوين والدخول في النوايا والمقاصد.
يقول الإمام محمد بن عبدالوهاب (فلما أظهرت تصديق الرسول فيما جاء به سبوني غاية المسبة، وزعموا أني أكفر أهل الإسلام وأستحل أموالهم (مجموعة مؤلفات الشيخ 5-26).
وهو ما يقوله اليوم وللأسف الشديد بعض أبناء الأمة تجاه هذه الدعوة وهذه الدولة المباركة، في تزيد لأقاويل فرق الضلال وأصحاب الأهواء والزنادقة من مدعي الإسلام وأتباع الأهواء ومريدي الطرق.
لا نريد ترديد ما هو معلوم لدى الجميع من أن هذه الدولة، يوم قامت قامت على نصرة شرع الله وإعلاء كلمة الله، وأن ساستها وقادتها كانوا من أشد المتمسكين بشرع الله، ولكننا نؤكد على أن دولتنا دولة توحيد ودولة دفاع عن شريعة الله وعن حدود الله، وهي دولة تبذل الغالي والنفيس في سبيل هذا الدين والذود عن حياضه مهما حاول المحاولون من منافقي الأمة وخونتها ثنيها عن ذلك.
لقد كنا نسمع من يعادي هذه الدعوة ويتربص بها من أصحاب الملل الفاسدة والطرق الواهية والمذاهب المنحرفة، وهذا ليس بمستغرب؛ فالحق دوماً له أعداء والخير دائماً له أضداد، ولكن أن يصدر هذا من أبناء جلدتنا وممن تربوا على تراب وطننا وأكلوا من خيرات أرضنا وأرضعتهم أمهاتهم هذه العقيدة الصالحة فما كان منهم إلا أن تقيأوا هذه الرضعات، واسترضعوا رضاعة فاسدة لا تقرب نسبا ولا تصل رحما، وإنما تفرق أمة وتهدم بنيانا وتشكك في معتقد، فهذا والله هو الانحطاط الحقيقي، وهذا هو النكوص الخطير الذي يؤلم قلوب الغيورين على دينهم وعلى وطنهم وقيادتهم.
إن تاريخ الدولة السعودية منذ انطلاقتها على يدي الإمام محمد بن سعود - رحمه الله - ما عرفت إلا كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- دستوراً ومنهج حياة، مدافعة عن هذه العقيدة وهذه المقدسات، مشيدة وراعية للأراضي المقدسة وحجاج بيت الله الحرام.
وإن من أعجب العجب أن يأتي من يقول خلاف ذلك كذبا وبهتانا، في تطاول مفضوح على تاريخ ناصع البياض لهذه الدولة وهذه الدعوة، ومثل هذه الأقاويل لا يمكن أن يقبلها من يعرف ولو مبادئ يسيرة من تاريخ الدولة السعودية، في مراحلها المختلفة الأولى والثانية والحديثة ومؤسسها الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن، ومن جاء بعده من ملوك رعوا الأمانة وصانوا الوحدة وسعوا في رفاهية وتطور الإنسان، وفق ما تمليه شريعتنا السمحة لا ما تمليه أهواء المشبوهين بأفكارهم المشوهة وتوجهاتهم المشبوهة.
إذا كان الله سبحانه وتعالى قال عن اليهود والنصارى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) فكيف يرضى عنا المتطفلون على موائدهم المتزلفون لهم..؟ فهؤلاء أشد حرصا على تفريق صف الأمة من اليهود والنصارى أنفسهم.
لقد أصاب الإمام محمد بن عبدالوهاب كبد الحقيقة عندما قال: إن معاداتهم له لاتباعه ما جاء به الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام، وهذا يدل على أن أعداء هذه الدعوة، وهذه الدولة هم من أصحاب البدع والانحرافات الفكرية، وأنهم ليسوا وليدي اليوم، بل هم من قدم هذه الدولة وهذه الدعوة.
إن على مثقفي الوطن، بل مثقفي الأمة الواعين للخطر المراد من طرح مثل هذه الأفكار وهذه الأطروحات الكاذبة أن يتصدوا لها بكل قوة فالمسألة لم تعد طرحاً ثقافياً مجرداً، بل صارت طرحاً عقائدياً سياسياً له أبعاد أكبر مما يتصور.
إن من يملك عقيدة أقوى يملك سياسة أقوى، وبالتالي يستطيع أن يكون مؤثراً ومغيراً في الخارطة الشاملة للمنطقة.
ولذا فإنني أقول: إن من يحاول أن يشكك في بدايات هذه الدولة وما قام به الإمامان محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب ينطلق من منطلق عقدي خالص فقد بانت الأمور وانكشف المستور، وعلينا أن ندافع عن دولتنا ووطننا من منطلق العقيدة الصحيحة، عقيدة لا إله إلا الله محمد رسول الله.
والله المستعان..