استرد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - موطن آبائه وأجداده؛ ليعيد الناس إلى جوهر الإسلام في صفائه ونقائه؛ لقيام دولة التوحيد كما نصت عليها شريعة الله في كتابه الكريم وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -.
في اليوم الرابع عشر من شهر شوال 1431هـ يحل الاحتفاء بالذكرى الثمانين ليومنا الوطني المجيد.. ففي مثل هذا اليوم من عام 1351هـ - 1932م سجل التاريخ إشراقة مولد المملكة العربية السعودية بعد ملحمة البطولة التي قادها المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - طيب الله ثراه - على مدى اثنين وثلاثين عاماً بعد استرداده لمدينة الرياض عاصمة ملك أجداده وآبائه في الخامس من شهر شوال عام 1319هـ الموافق 15 يناير 1902م.
وفي 17 جمادى الأولى 1351هـ صدر مرسوم ملكي كريم بتوحيد كل أجزاء الدولة السعودية الحديثة تحت اسم المملكة العربية السعودية، واختار الملك عبدالعزيز يوم الخميس الموافق 21 جمادى الأولى من نفس العام الموافق 23 سبتمبر 1932م يوماً لإعلان قيام المملكة العربية السعودية.
ثمانون عاماً حافلة بالإنجازات على هذه الأرض الطاهرة الطيبة التي وضع لبناتها الأولى الملك المؤسس - رحمه الله رحمة واسعة -، وواصل أبناؤه البررة الكرام من بعده استكمال البنيان ومواصلة المسيرة الخيرة.
الاحتفاء بذكرى اليوم الوطني للمملكة العربية السعودية، هذه تهنئة صادقة إلى أبناء شعبنا الكريم..
واليوم والمملكة، حكومةً وشعباً، تحتفل بالذكرى الثمانين لتوحيد وإعلان قيام المملكة العربية السعودية في مثل هذا اليوم من عام 1932م لا أريد أن أتحدث عن الإنجازات والمكتسبات الكثيرة التي تتحدث عن نفسها، والتي يجب أن نحافظ عليها جميعاً، ولكن لا يسعنا إلا نقف وقفة صادقة مع الذات لنتناول بالرصد والتحليل أهم العقبات والتحديات التي تواجه المملكة على كافة الأصعدة الأمنية والسياسية والاقتصادية، ووضع تصورات عملية لكيفية تخطي العقبات ومواجهة التحديات لما فيه خير الوطن والمواطن. إن أمن الوطن والمواطنين والمقيمين فيه من أعظم المكتسبات التي يجب علينا جميعاً المحافظة عليها، إن الأمن ضروري للحياة، والعبادة، والبناء الحضاري والتقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي، والتنمية، فهو ضروري للدنيا والآخرة، والمحافظة عليه مطلب ومكسب جماعي لهذا الوطن العزيز الغالي بل للأمة كلها.
خطورة المساومة على الوطن عندما يتحدث كل فريقٍ عن منهجه، المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة من واجبات المواطنة الحقة والانتماء للوطن والوفاء له، وعلى جميع أبنائه: المحافظة على الممتلكات العامة والخاصة التي هي جزء من مكتسباتنا جميعاً التي بنيناها بجهدنا وعرقنا ومالنا وتضحياتنا، وتعلقت بها آمالنا وتطلعاتنا المستقبلية لغد جميل مشرق بهي بإذن الله. بالأمس كانت بلادنا صحراء جرداء ينتشر الفقر في أرجائها، والمرض يفتك بها، والجهل يسودها، والخوف في أنحائها، واليوم - بحمد الله وفضله - أضحت جنة ببهائها وجمالها وإشراقاتها والأمن سر بقائها، هي اليوم: دوحة غناء ومدن عامرة وطرق سريعة وجسور محلقة وجامعات ومدارس ومرافق ومبان وحدائق ومتنزهات، وحضارة في كل شبر من بلادي الغالية حتى كأن ربوعها بالحسن أضحت غانية، هذه بلادنا لنا جميعاً ملأت علينا قلوبنا واستثارت مشاعرنا وكوامن نفوسنا، وهذه منجزاتنا وممتلكاتنا فلنصنها كما نصون أرواحنا..
البيئة هي كل ما يحيط بالوطن من موجودات؛ من ماء وهواء، وكائنات حية، وجمادات، وهي المجال الذي يمارس فيه الإنسان حياته، ونشاطاته المختلفة. وللبيئة نظام دقيق متوازن صنعه خالق عظيم، ومدبر حكيم، {صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} (88) سورة النمل.
إن الله قد خلق لنا الكون كله، وأبدع لنا الطبيعة من حولنا، وجعلها مسخرة لخدمتنا؛ فهي أمانة بين أيدينا يجب المحافظة عليها، واستغلالها يجب أن يقترن بقدر تحقيق المنفعة الخاصة مع الحفاظ على المصلحة العامة.
سائلين الله الهداية والتوفيق للمصلحة العامة التي تخدم الوطن والمواطن والمقيم على أرض هذا الوطن الغالي.
* مستشار قضائي وأستاذ أكاديمي وعضو التحكيم والمصالحة وكاتب