حين قرأت ما طرحه المهندس عبدالعزيز بن محمد السحيباني في العدد 13865 بعنوان (قرية الخبراء القديمة) ينادي فيه هيئة السياحة باعتماد مشروع ترميم وتجميل لهذه القرية التراثية، ورد لذهني مقولة معروفة حول تطوير الذات (أن تبني مستقبلك أجدى من أن تقوم بتجميل ماضيك) ولاشك أن مدينة (الخبراء) هي إحدى مدن الوطن التي تملك تاريخاً مشرفاً ولأهلها مشاركة فاعلة في مسيرة توحيد البلاد، لكن ليس من الحكمة أن نبقى على ذكريات أطلال انتهى زمانها فنحشد قدراتنا وإمكانياتنا في محاولة أحيائها بل الحكمة هي أن نتوجه نحو المستقبل فنسعى لتطوير جميع المدن والقرى لتبدو بصورة متجددة تواكب سنة التطور والتجديد فباستثناء الأعمال الخارقة ك(سور الصين وأهرامات مصر وأبو الهول وبرج بيزا) ليس هناك حاجة إلى ترميمها والمحافظة عليها، ولو أن الأخ عبدالعزيز طالب بتسوية الأرض وتحويلها لمخطط حديث يوزع على شباب المدينة الذين أرهقهم (سُعار) تجار العقار فهذا هو الصواب، أما إذا كان القصد التمسك بالماضي حسب مقولة (اللي ما له ماضي ما له حاضر) فهذا خطأ لأن المستقبل المشرق هو الأولى بالبحث عنه بدلا من الرجوع إلى الماضي أو البقاء في الحاضر مهما كان مُقنعا ولنستفد من تجارب الدول المتطورة التي جعلت السير نحو المستقبل هو شعارهم قولاً وفعلاً، لنأخذ مثلين يوضحان اختلاف الشعوب في التعامل مع الماضي.
الأول: في دورة عربية قبل عقود مضت احتل الصهاينة إحدى قراها وقبل خروجهم منها دمروها تماماً فقامت الحكومة بتسوير موقع المدينة وهي مهدمة وأبقت الحال كما هو حتى الآن لتبقى شاهدة على جرائم إسرائيل يؤخذ إليه كل ضيف سياسي يزور البلد.
المثل الثاني: من اليابان، فاليابان كان لديها صورة لأكبر جريمة ارتكبت بحق الإنسانية في (هيروشيما ونجازاكي) ولم يسعوا لاستثمارها كمصدر سياحي أو لكسب تعاطف العالم معهم بل أزالوا الركام وأقاموا مكانها مدناً على أحدث طراز.
صالح عبدالله العريني / محافظة البدائع