الأخ الدكتور- إبراهيم بن عبدالرحمن التركي العمرو
مدير التحرير للشؤون الثقافية في صحيفة الجزيرة دام سؤدده
سلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اطلعت على مفرداتك الجميلة تجاه أستاذنا المبجل الدكتور عبدالله بن يوسف الشبل حفظه الله، هذه الفرائد التي زختها مزنك نحو أرض عطشى فاهتزت وربت وأنبتت وفاء، غير أن ثمة قطعاً متجاورات لا تزهر فهماً، ولا تثمر إدراكاً، بل تحيل ماء المزن ملحاً أجاجاً. دعوتك - يا صاح - لتكريم مواطن في مكانة الشبل سمة حب متبادل بين أستاذ وطلابه رعاهم مذ المرحلة المتوسطة وما زال يتفقد أحوالهم لأنه كبير فوق الصغائر. ينضح قلبه مودة وتسامحاً وطهراً لكل من عرفهم. إنه أكبر من أن ينتظر تكريماً لأنه ظل مكرّماً إبان عمله في الجامعة، ومكرّماً لدى أقطاب وطنه، فقد جاءته الأوسمة والدروع منقادة.
الشبل مكرّم لدى أولئك المهتمين بتاريخنا الوطني فهم رواد عدة، ومكرّم لدى أمير المؤرخين ومؤرخ الأمراء سلمان بن عبدالعزيز وقد سبق أن حصل على وسام الملك عبدالعزيز»الدرجة الأولى» وجائزة الرواد في الدورة الأولى لجائزة ومنحة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لدراسات تاريخ الجزيرة العربية. مكرّم في بحوثه وكتبه وإسهاماته في الندوات والمؤتمرات الداخلية والخارجية. مكرّم وهو يرى تلاميذه وطلابه وقد بلغوا شأواً عالياً في مجال البحث العلمي والجودة والإبداع داخل الجامعة وخارجها. مكرّم في شواهد معمارية خالدة كان وراء تشييدها فكرةً وتخطيطاً وتنفيذاً محققاً معادلة صعبة تتجلّى في الجمع بين جودة العمران ومعقولية الأسعار ومدة الإنجاز.
منذ أكثر من عامين، اقترح أعضاء قسم التاريخ والحضارة تكريم الشبل بصفته الأب المؤسس له، وحددت أطر المناسبة ومنها إصدار كتاب يحوي سيرته لأننا كنا واثقين من أنه لن يكتب ذاته بذاته تواضعاً منه وجبلة فيه. وكذا إقامة ندوة عن «دور تدريس التاريخ في تعزيز الانتماء الوطني»، واستعراض منهجية الشبل في تحقيق التاريخ الوطني المخطوط. وهذا ليس مستكثراً من أعضاء القسم ولا على رائده، وتمضي الأيام والبيروقراطية واقفة، مع التوكيد على حرص معالي مدير الجامعة الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالله أبالخيل الذي يقدّر الرجال ويدرك قدر أستاذنا في نفسه ونفوس منسوبي الجامعة السابقين واللاحقين. وكنت قد أعرضت عن هذا خوفاً من خطيئة التأخير واقترحت أسلوباً علمياً آخر يتمثّل في إصدار مجلد تذكاري يشتمل على بحوث أستاذنا ومقالاته مما لم يصدر في كتاب وضم أفضل بحوث هيئة التدريس في كل حقول التاريخ.
الشبل - يا إبراهيم - سحابة ممتدة، تهطل مدراراً على كل أرض مرت بها، فهو مكرّم لدى أعضاء الاتحادات العربية والدولية، وكان ينتظر من الجمعية السعودية التاريخية وجمعية التاريخ والآثار عقد ندوات علمية على شرف هذا المؤرّخ المحقق. ينتظر من اتحاد المؤرّخين العرب في القاهرة إطلاق اسمه على قاعة من قاعات المبنى الجديد الذي نفذ على نفقة الدكتور سلطان القاسمي، لأن الشبل أحد المؤسسين له والداعمين له.
الشبل يعيش التكريم كل لحظة في مجلسه الذي يغشاه محبوه، وفي سرير مرضه الذي تحلّق حوله زواره والداعون له بالشفاء وأن يجمع الله له بين الأجر والعافية، مكرّم في سيل الاتصالات الهاتفية التي تأتيه من علية القوم يطمئنون عليه، مكرّم من طلابه وطالباته في الدراسات العليا الذين يعتبرونه أباً حانيا يحيطهم بأريحيته ولا يبخل عليهم بمعلومات تختزنها ذاكرته أو تحتويها مكتبته العامرة.
قد يقول قائل: إن كل ذلك لا يمنع تحقيق المقترحات الآنفة الذكر أو بعضها، وأقول: إن المرء ليسعد عندما يكرّم في حياته وفي كامل عافيته، وإن كان تخليد الأسماء نوعاً من الوفاء سواء في قاعة أو شارع أو غيرهما. ولعلي في هذه المناسبة أعرض على معالي مدير الجامعة - وكثيراً ما عرضت عليه ووافق - إنشاء قاعة «أعلام الجامعة» تضم سير مديري الجامعة ووكلائها وعمدائها منذ التأسيس قابلة للتحديث إدراكاً مني بأنه وفي يحب الأوفياء. ولأستاذنا ولمعالي مدير الجامعة ولكم أزكى تحاياي.
أ.د. عبد الله عبد الرحمن الربيعيأستاذ العلاقات الحضارية - أستاذ الدراسات العليا-كلية العلوم الاجتماعية، قسم التاريخ والحضارة بجامعة الإمامص.ب 100107 الرياض 11635
prof-arrabey@hotmail.com