حين تأخذني الكلمات نحواً بعيداً عنكِ.., فإنكِ الأقرب التي لا تبتعدين أبدا..
تتداخل بكِ الأوقات، كما تتمازج بك النبضات.., فكلُّ بعيدٍ قريبٌ بكِ.., وكلُّ قريبٍ هو منكِ.. لأنّ كلَّ مبتدأ أنت ألِفُه.. في قاموس العطاء...
طين القلب كما مُضغتُه.., وطين العقل كما فكرتُه.., وكلاهما نسيج روحكِ، من عجين ذاتكِ..
نوَارة تعلمتُ منكِ، أنَّ الأمومةَ هي الحياة، والحياةَ وإنْ شاخ الناطقون لا تشيخ.., وعرفتُ فيك الحياة، كما تنبلج عينُ الشمس.., لا كما تغيب.. الحياةُ تنبض، مشيئةٌ إلهية، أن تدبَّ على الأرض امتداداً بكِ،..
وتعترشُ الأبجدية في ثرى النَّطق،عند الحديث عن نموذجية جيلكِ, ويصدق الصَّوت عند صمتِ غيركِ،..
نوَّارة: كنتِ تقولين: إنّ الأبقى هو الحرف، وإنّ الأسمى هو الفكر، وإنّ الأفضل هو الأمل، وإنّ الأطهر هو القلب، وإنّ الأصدق هو الحق.. ثم أقمتِ بين يديَّ السهمِ وقوسِه، النِّبالَ كي تكون مرمى الهمَّة.., وزججتِ الأعمدة في مضمار الشمس..
جيلكِ نوَّارة لا يتكرر.., والناسُ في كلِّ زمان ومكان تحسب أنّ المبتدأ منها.. والمنتهى عندها.. لكنَّ النسيج تهلهل.., والعصفور الذي رعيتِه في عنقِ الصمتِ، وأطلقتِه لمجالِ الصَّوت.., وبنيتِ له مسارَ الأجنحةِ، وكسرتِ الزجاجةَ عن عنقهِ، فطار وحلَّق، وبنى عند النجوم آماله، ورسم أحلامه، وتسنَم القوسَ، ورمى بنباله فتصيَّد مرامى الفرحِ، وتباهت أجنحته في وضح مضمار النجاحِ، وشاعت شموسه في فضاءات السمو..
لا يزال يرفدها بأغصان من حدائق النجاح...
جيلكِ نوَّارة.., يمتدُّ..
وبقاؤكِ في يقظة الحرف.., ومنبتِ الكلام،.. تتباهى بكِ أبجدية الأنثى في سلام الفضيلة، ونقاء البقاء، وديمومة القلب النابضِ بالحياة، في الحياة التي لا تقف، ولا تتجمّد في مسار..
جيلكِ لا يزال يمطر.. ولا تزال سحابته تسحُّ رخاءً...
يا أجمل نماذج النساء...
لنورة وآمنة وحياة وإباء وليلى، لما هو لها وحدها, آخر حديث كان اللحظة معها، استجابة لكن.