بعد أن ازدادت أعداد المصابين بالبدانة في السنوات الأخيرة والمشاكل الصحية الناجمة عنها ازدادت الطرق العلاجية المتاحة للتخلص من الوزن الزائد، وأصبح علاج البدانة حقلاً طبيًّا شبه متخصص بحد ذاته. ومن الطرق العلاجية بالون المعدة، الذي تطور من الثمانينات في القرن الماضي؛ لكي يصبح اليوم وسيلة فعالة في إنزال الوزن.
- ما هو بالون المعدة؟
- بالون المعدة يُصنع من مادة السيليكون الناعمة الملمس والمقاومة لحموضة المعدة، ومجهَّز بصمام يسمح بنفخه بالهواء (البالون الفرنسي هليوسفير Heliosphere) أو بالماء (BIB بيوانتيريكس الأمريكي) بكمية تناسب كل مريض على حدة. والصمام مُصنَّع بحيث لا يسمح بخروج محتوى البالون ضمن فترة الاستخدام المحددة من المصنع (ستة أشهر). بعد هذه الفترة يتعرض جدار البالون للتهتك والتشقق؛ فتخرج محتوياته وينكمش البالون؛ ليخرج من المعدة إلى الأمعاء، ويمكن أن يخرج مع البراز في معظم الحالات، ولكن يمكن أن ينحشر ضمن الأمعاء ولا يمكن استخراجه إلا بعملية جراحية أو تنظيرية. ووجود البالون بالمعدة يرسل إشارات إلى الدماغ مشابهة للإشارات المرسلة بعد تناول الطعام؛ لتعطي شعورًا كاذبًا بالشبع، والتأخر بالإحساس بالجوع؛ ما يساعد في إنزال الوزن تدريجيًّا، والتأقلم مع نوعية جديدة من الحياة الغذائية.
حساب زيادة الوزن
ولأن زيادة الوزن درجات متفاوتة فكذلك العلاج يكون متناسبًا مع هذه الدرجات، وكلما كانت زيادة الوزن شديدة اضطررنا إلى اللجوء لعلاجات شديدة الوطأة، طويلة الأمد، تزداد مخاطرها وآثارها الجانبية.
وتُحسب زيادة الوزن بمؤشر الكتلة الجسدية (BMI body mass index) التي تُحسب بأخذ الوزن بالكيلو جرام/ الطول بالمتر x الطول بالمتر، فعلى سبيل المثال سيدة وزنها 112.5 كغم وطولها 1.5 متر يكون مؤشر كتلتها الجسدية 112.5/2.25= 50، ويُعتبر المؤشر الطبيعي أقل من 25، وعندما يزيد على 30 يكون الشخص مصابًا بالبدانة من الدرجة الأولى، وعندما يبلغ 35 أو أكثر يصبح بدانة من الدرجة الثانية، وعندما يبلغ 40 أو أكثر يصبح بدانة مرضية.
والبالون علاج مثالي للمصابين بالبدانة من الدرجتين الأولى والثانية، حيث تكون زيادة الوزن أقل من 45 كغم عن الوزن المثالي، أو مؤشر الكتلة الجسدية أقل من 40، ويمكن استعمال البالون كتحضير للعمليات الجراحية العالية الخطرة بسبب الزيادة الكبيرة للوزن، أملاً بإنزال الوزن لتقليل خطورة العمليات الجراحية. كما نلجأ إلى البالون بوصفه علاجًا وحيدًا فعّالاً في حال عدم قبول المريض إجراء عملية جراحية لإنزال الوزن؛ خوفًا من المضاعفات أو بسبب كلفتها العالية.
تركيب البالون
يوضع البالون فارغًا كأنبوب مغلف بغشاء رقيق وموصول بأنبوب حقن داخل المعدة عن طريق الفم، وبمراقبة مباشرة من المنظار الهضمي، تحت تأثير مهدئ يُعطى عن طريق الوريد، بعد أن يتم التأكد من خلو المعدة من التهابات أو تقرحات أو فتق يمنع وضع البالون، وفي بعض الحالات نضطر إلى وضعه تحت مخدر عام خاصة لدى المصابين ببدانة مرضية أو لدى الأشخاص شديدي التوتر وغير المتعاونين. وبعد أن يدخل البالون إلى المعدة يتم حقنه بالماء الذي نضيف إليه مادة ملونة أو بالهواء حسب الكمية المطلوبة، ويفصل عن أنبوب الحقن ليبقى طافيا في أعلى المعدة. ويستغرق الإجراء 15-20 دقيقة، ويمكن للمريض العودة إلى المنزل بعد ساعة من المراقبة.
مميزات بالون المعدة
يُعتبر بالون المعدة من أبسط الإجراءات لعلاج البدانة وأكثرها أمانًا، وأقلها مضاعفات، وأكثر الآثار الجانبية الملحوظة حدوث قيء وغثيان وعدم تحمل الطعام في الأيام الثلاثة الأولى؛ حيث تُصاب المعدة بتشنجات محاولة طرد البالون منها، وتخف هذه الأعراض في اليوم الثالث؛ لتختفي في اليوم السابع غالبًا، وهذا يستدعي تناول أدوية معينة لتجاوز هذه الفترة. وتتم إزالة البالون بالطريقة نفسها عن طريق الفم، وبمساعدة منظار المعدة، وتحت مهدئ عام غالبا أو مخدر عام في بعض الحالات. والمتوقع أن يفقد المريض وسطيا 40-50 % من الوزن الزائد خلال الأشهر الستة الأولى، ويكون النزول في الأشهر الأولى على أشده، ونزول الوزن أمر متباين من شخص لآخر، ويعتمد كثيرًا على الجهد البسيط المطلوب من المريض باتباع حمية قليلة السعرات الحرارية، وإجراء التمارين الرياضية، ومتابعة الطبيب المشرف على العلاج. وإذا رغبنا في الاستمرار في إنزال الوزن مرة أخرى قد نلجأ إلى إحلال بالون آخر جديد وأكبر حجما ليعطي فعالية جديدة محل البالون الذي شارف على التشقق، والذي فقد فعاليته في إنزال الوزن. وبعض مرضاي وضعتُ لهم ثلاثة بالونات بالتتالي، وبعد إزالة البالون يحافظ ثلث المرضى تقريبًا على وزنهم الجديد، وثلث آخر يستمر في إنزال الوزن بدون بالون، وثلث من المرضى يعودون لاكتساب زيادة من الوزن.
د. فؤاد الأحدب - استشاري الجراحة العامة والمناظير دكتوراه جامعة نيس بفرنسا