«ابني الصغير أحمد مر بتجربة مروعة، عندما كنت في المطبخ أطهو وكان يلعب بجانبي داخل المطبخ. رن جرس الهاتف، وذهبت للرد عليه وإذا بي أسمع صراخا، ذهبت بسرعة إلى المطبخ وانفطر قلبي عندما رأيت النار تحرق فلذة كبدي، وكانت ملابسه تشتعل.......».
هذه الصورة المحزنة تتكرر بشكل مختلف ومستمر لتؤكد الصورة النمطية في مجتمعنا عن ثقافة التعامل مع الحوادث التي تهدد براءة أطفالنا وتحرمهم من أبسط حقوق « السلامة « وتثبت لنا مرضنا المزمن (فقر الوعي) تجاه الحوادث المختلفة،
الحرائق تمنع بفضل الله وحمايته أولاً ثم بمنع وسائل إشعال النار في المنازل والاحتياط أثناء استخدامها والاستفادة منها وذلك بأخذ خطوات سهلة وضرورية منها:وضع جهاز كشف الحريق ((smoke alarms))، ولكن من منا - بكل صراحة - وضع ذاك الجهاز في بيته، بل من منا وفر مخرج للطوارئ أو تجاوز ذلك وقام بتدريب نفسه وأهل بيته على كيفية الخروج أثناء الحريق من منزله.بل من درب أولاده على استعمال طفاية الحريق، هذا إذا افترضنا أنه يعرف مسبقا استعمال تلك الطفاية!!!، وكم من مريض بالربو وأمراض الصدر من أطفالنا لجأ إلى المراكز الصحية بسبب موجات الغبار والأتربة التي مرت بنا ؟ وكم من طفل شاهدناه وهو يفقد حياته بسبب جهله بوسائل السلامة أثناء العواصف الرملية أو الممطرة على حد سواء، لاشك أن العدد كبير في ظل غياب الإحصائيات الدقيقة لتلك الحوادث التي تستدعي من الجهات المختصة نشر ثقافة مواجهة الأخطار المحتملة من خلال التدريب على المهارات الوقائية قبل ممارسة «الإنقاذ»، وقبل فترة حصرت إدارة تحليل المخاطر في مديرية الدفاع المدني (18) مصدر خطورة محتملة، قد تتعرض لها أنت أو أنا أو طفلي أو طفلك، منها المخاطر الإشعاعية، والمواد البتروكيماوية، وحرائق المباني والمباني العالية، ومواجهة حوادث السيول والأمطار، ومخاطر انهيار الأنفاق والجسور، ومخاطر أخرى محتملة، والسؤال المقلق للتربويين: ما نصيب الطفل السعودي تحديدا في مراحل التعليم العام من ثقافة مواجهة الخطر المحتمل والتعامل معه لحظة وقوعه؟ وقبل ذلك ما حصيلته من المهارات الوقائية تجاه تلك المخاطر المحتملة قبل حدوثها؟ خاصة ونحن نقرأ بين الفينة والأخرى إحصائيات كبيرة جدا لحوادث الحرائق والغرق وغيرها التي يتعرض لها الأطفال السعوديون، وما مساحة حضور بعض مفاهيم السلامة في عقلية طلابنا: الإنذار والإنقاذ والإخلاء والإيواء والأمن الصناعي؟ هذا سؤال أرسله مع التحية لمديرية الدفاع المدني والتي أطلقت قبل فترة إصدارها «منقذ» الذي يعنى بهذه الشريحة الغالية على قلوبنا، والأجمل أن يتحول الطفل إلى «منقذ» بفضل هذه الرسالة الإعلامية، ولكن التحدي الحقيقي أن تطلق مديرية الدفاع المدني برامج متطورة لنشر ثقافة الوقاية من المخاطر المحتملة من خلال دورات تدريبية متخصصة بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم لتغرس في أبنائنا وبناتنا مهارات حياتية ترفع من سقف جودة الممارسات السلوكية لطلابنا وطالباتنا قبل وقوع الخطر وأثناء حدوثه، لنضمن لهم سلامة حقيقية من أي خطر يهددهم، حتى لا يتحولوا إلى مادة إثارة إعلامية كلما وقعت مصيبة هنا أو هناك!!