إعداد: عبدالعزيز العيادة
تنطلق بمشيئة الله النسخة الثانية من قافلة صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن الطبية إلى محافظة بقعاء في النصف الأول من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2010م، بدعم وتشجيع من أمير منطقة حائل صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن، وبمتابعة من معالي مدير الجامعة الدكتور أحمد بن محمد السيف، وهي القافلة الثانية في أقل من ستة أشهر التي تسيرها الجامعة انطلاقا من مهمتها الاجتماعية؛ لإيصال الخدمات الطبية إلى أهالي محافظات المنطقة ومدنها وقراها في مناطق سكنهم.
وفي هذا الاتجاه، وحول فائدة مثل هذه القوافل الطبية، يجيبنا الدكتور عودة الحازمي، عميد كلية الطب، الذي قال إن القافلة تشكِّل تجسيدا تطبيقيا لإسهامات الجامعة في خدمة المجتمع وحل مشاكله، وهي تعزز دور الجامعة بوصفها شريكا رئيسا في التنمية المحلية، كما أنها ستنهض بمستوى الخدمة الطبية في المنطقة بما يعود على السكان بالفائدة والمنفعة، وهي كذلك تربط الجامعة وتوثق صلتها بمجتمعها المحلي ومحيطها الجغرافي. وأضاف الدكتور الحازمي أن القافلة في حملتها الأولى اكتشفت حالات من سرطان الثدي المبكر والسكري لدى الأطفال الصغار، وهي حالات يمكن معالجتها في مراحلها الأولى عند اكتشافها؛ لهذا فنحن الآن في أعتاب مرحلة جديدة أصبحت خلاله جامعة حائل لاعبا رئيسيا ومؤثرا في إمكانية تحسين الخدمات الصحية؟!
وفي هذا الاتجاه أوضح لنا معالي مدير جامعة حائل الدكتور أحمد بن محمد السيف أن القافلة تأتي في وقت تتعاظم فيه حاجة المنطقة إلى الخدمات الطبية المتميزة في ظل ندرتها أو ضعفها، وبخاصة المناطق النائية التي تحتاج إلى تدخل طبي عاجل؛ حيث ستقدم القافلة خدماتها الطبية المجانية للمرضى من أهالي المنطقة، وتشمل الخدمات جميع الحالات المرضية الشائعة، وبخاصة حالات السكري والضغط وأمراض الكلى وغيرها.
كما ستسهم القافلة في سد النقص في الخدمات والتجهيزات الطبية التي تعاني المنطقة نقصها، وفي تلبية الحاجات المتزايدة للخدمات الطبية، وهو ما يمنح الأهالي أملا وفرحة بالقافلة الجديدة التي ستوفر لهم هذه الخدمات مجانا أسوة بنسختها السابقة، وستكفيهم مؤونة السفر وتكاليف العلاج التي لا قِبَل لهم بها، وقد يلجئهم العجز وضيق ذات اليد أحيانا إلى الاستسلام.
وقال: يشارك في القافلة أطباء وأساتذة وطلاب من كليات الطب والعلوم الطبية التطبيقية والعلوم الصحية، إضافة إلى كرسي الدكتور ناصر الرشيد لأبحاث أمراض الكلى بجامعة حائل، وكذلك مجموعة من المتطوعين من الاستشاريين والأطباء المتخصصين.
وسيقوم المشاركون بمعاينة المرضى وتشخيص حالاتهم وعلاجهم، وتقديم المشورات الطبية بغرض التعليم الطبي، كما سينظم عدد من المتخصصين ندواتٍ وورش عمل متخصصة لأهداف طبية وتعليمية.
وقال الدكتور السيف إن القافلة ستنطلق في موعدها المحدد إلى محافظة بقعاء؛ للقيام بجولات ميدانية بين مراكزها السكنية؛ لتقديم الخدمات الطبية لأهاليها في مناطق سكنهم، من فحوص وكشوف وأدوية، إضافة إلى الأهداف التعليمية والإحصائية والتوعية المحددة من قبلُ.
وأفاد معاليه بأن القافلة هي امتداد لنسختها السابقة التي حققت نجاحا منقطع النظير بشهادة الجميع، وقد استفاد القائمون عليها من معطيات الحملة السابقة ونتائجها في الإعداد والتهيئة للقافلة الجديدة. وتتعدد أهداف هذه القافلة إلا أنها تنصب في مجالات التوعية الصحية، والخدمات الوقائية والعلاجية، والتعليم الطبي الميداني، والدراسات الإحصائية والبحثية.
وأوضح أن القافلة ستعمل على تفعيل الحراك العلمي والبحثي بما يصاحبها من محاضرات وندوات وورش عمل متخصصة، إضافة إلى أعمال التشخيص والعلاج والمسح الطبي والتعليم الطبي، التي سُيِّرت من أجلها القافلة.
وذكر معالي الدكتور السيف أن هذه القافلة ثمرة تعاون بين الكليات الطبية والصحية وكرسي الدكتور ناصر الرشيد لأبحاث أمراض الفشل الكلوي وأطباء متطوعين تضافرت جهودهم لتقديم خدمة تطوعية وإنسانية مشرفة، يستفيد منها المرضى من أبناء المنطقة في الحصول على العلاج المجاني الذين هم في أشد الحاجة إليه.
وقد أكد معالي مدير جامعة حائل أن مشروع القافلة يجسد حرص الجامعة على الاضطلاع برسالتها النبيلة التي لا تقتصر على عملية التعليم فقط، كما يعكس المستوى الكبير الذي وصلت إليه الجامعة بوصفها شريكا رئيسا في التنمية المحلية.
وقال: تضم القافلة الطبية معامل تحليل متنقلة ومختبرات أشعة وعيادات، وأجهزة طبية، وصيدلية متكاملة. وسيتم تسييرها إلى محافظة بقعاء في الموعد المحدد لها؛ لتحقيق أهدافها المرسومة سلفا. وتمثل القافلة الطبية أحد أكبر مشروعات الجامعة المخصصة للإسهام في خدمة المجتمع والتنمية المحلية، وهي إحدى الصفحات الناصعة التي تدل على حرص الجامعة وسعيها الدؤوب للإسهام في قضايا التنمية المحلية بالأصالة عن نفسها والشراكة مع مؤسسات المجتمع والهيئات الحكومية والخاصة العاملة في هذا المجال.
وكان صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن عبدالمحسن، أمير منطقة حائل، قد أشاد بمشروع القافلة ورسالتها بعد إعلان إطلاقها، معلنا أنه تبنى من قبل فكرة شبيهة بمشروع القافلة، وتحدث عنها في بعض المناسبات؛ حيث رأى ضرورة إنشاء جمعية طبية تطوعية تقدم الخدمات الطبية لأهالي المنطقة، وسماها «جمعية أطباء داخل الحدود» في مقابل الاسم المصطلح عليه للمنظمة العالمية المعروفة «أطباء بلا حدود». ورأى سموه أن القافلة هي أقرب تجسيد تطبيقي لهذا الفكرة النبيلة.
وقد أثنى سموه على جهود القافلة والقائمين عليها، وبخاصة كلية الطب؛ حيث عدَّها «أحد الشواهد المضيئة لمسيرة الخير والتطور العلمي والصحي وتنمية الموارد البشرية المؤهلة».
وتعتبر هذه هي المرة الثانية التي تُسيَّر فيها مثل هذه القافلة لهذا الغرض؛ حيث أوفدتْ جامعة حائل من قبلُ قافلة طبية قامت بجولات ميدانية وجابتْ مدينة جبه؛ لإجراء الكشوف الطبية على المرضى، وعمل الفحوص، وتقديم الأدوية والعلاجات. وأشرف على القافلة آنذاك كل من كلية الطب وكلية العلوم الطبية التطبيقية بمشاركة كلية العلوم الصحية وكرسي الدكتور ناصر الرشيد لأبحاث أمراض الفشل الكلوي بجامعة حائل.
وقد أُنشئت القافلة وفقا لاستراتيجية طموحة وجهد أكاديمي وإداري متميز، وأُعلن إطلاقها في شهر جمادى الأولى الماضي، بحضور سمو أمير المنطقة ومعالي مدير الجامعة وأعضاء القافلة الطبية، وشخصيات قيادية وأكاديمية من الجامعة، وانطلقت حينذاك بمشاركة العديد من الكفاءات والخبرات الأكاديمية المرموقة والكوادر الفنية، واصطحبت معها تجهيزات متطورة ومعامل كاملة التجهيز وعيادات متنقلة.
وحققت القافلة الأولى نتائج باهرة أشاد بها الجميع؛ حيث تم الكشف عن كثير من الأمراض، وعمل الفحوص اللازمة، ووصف الأدوية والعلاجات المناسبة. وقد استطاع أعضاء القافلة اكتشاف حالات من سرطان الثدي وسكري الأطفال في المراحل المبكرة تمهيدا لمعالجتها.
وكانت القافلة بما حققته من إنجاز وإسهام طبي تجربة فريدة في المنطقة نالت استحسان الأهالي، وحازت تقديرهم؛ حيث شكروا الجامعة على ما قدمته من خدمات جليلة كان لها أبلغ الأثر في نفوسهم، كما كان لمتابعة سمو أمير المنطقة وتشجيعه ودعمه أثره الكبير في نجاح القافلة في الوصول إلى أهدافها الطبية والتعليمية والبحثية؛ حيث أثنى على جهودها ونوه برسالتها، شاكرا الجامعة ومديرها ومنسوبيها على تضحياتهم وتفانيهم في خدمة المنطقة.
وشجع ذلك النجاح على اعتمادها وتكرارها، تحقيقا لأهدافها وغاياتها الإنسانية والعلمية والبحثية والطبية والتعليمية، وأضحت مشروعا خيريا مهما يعود بالفائدة على سكان المنطقة، وبخاصة المحافظات والقرى النائية، وبرنامجا تدريبيا يفيد طلبة الكليات الطبية والصحية في النواحي التطبيقية والتدريبية والتعليمية.
وأبانت القافلة عن حرص الجامعة على التواصل مع أطياف المجتمع، والتفاعل الإيجابي مع قضايا المنطقة واحتياجاتها، وتقديم الخدمات الإنسانية التطوعية، ودعم البرامج التوعوية، ودمج قضايا التنمية المحلية بالبرامج التربوية والتعليمية بالجامعة.
كما كان للتعاون المثمر بين كلية الطب وكرسي الدكتور ناصر الرشيد لأبحاث أمراض الفشل الكلوي دوره الذي انعكس في برامج وأعمال علمية وطبية ناجحة ومستمرة، وكذلك كان لشراكتهما في العمل الميداني داخل القافلة الطبية المتنقلة أثرها في النهوض برسالة القافلة والوصول إلى أهدافها.
وفي هذا السياق حققت الجامعة مؤخرا إنجازا مهما؛ حيث احتلت الصدارة بين الجامعات السعودية في آلية تحويل الاتفاقيات الدولية بين الجامعات إلى شراكة حقيقية متكاملة؛وذلك لنجاحها في تجربة فريدة بين الجامعات، وهي تحويل اتفاقيتها مع كلية الطب في جامعة روان الفرنسية إلى شراكة حقيقية تهيئ المستقبل الأفضل لطلاب كلية الطب، وتتيح لهم الالتحاق بدورات تدريبية طويلة الأمد؛ حيث عاد مؤخرا 21 طالبا من كلية الطب بجامعة حائل بعد تهيئتهم في دورة تدريبية بكلية الطب في روان.
جاء ذلك في تصريح لسعادة الدكتور عثمان الصقير، وكيل الجامعة رئيس لجنة متابعة وتطوير الكليات الصحية والطبية، الذي أوضح أن نجاح هذه التجربة يعود بعد فضل الله إلى حرص معالي مدير الجامعة الدكتور أحمد السيف ومتابعته المستمرة لهذا الملف، وإيمانه بأهمية التدريب بوصفه وسيلة تعليمية تسهم في بناء الخبرات وتأسيس المهارات العلمية والمهنية.
وكان 21 طالبا من جامعة حائل قد أنهوا مؤخرا دورة تدريبية في كلية روان، شملت محاضرات وندوات ودورات ميدانية في تخصصات طبية مختلفة. وتأتي هذه السلسلة بوصفها حلقة في سلسلة من الدورات التدريبية طويلة الأمد التي تقيمها كلية روان لصالح طلاب كلية الطب بجامعة حائل تفعيلاً للاتفاقية المبرمة بين الجامعة وكلية الطب بجامعة روان، التي أسفرت عن زيارات دورية لأعضاء هيئة تدريس من كلية الطب في جامعة روان إلى جامعة حائل؛ لتقديم محاضرات ودورات تدريبية، وكذلك ابتعاث طلاب من الجامعة للدراسات العليا بكلية الطب بروان.
ويتم كل عام تكرار هذه الدورات والزيارات مرات عدة تنفيذا لاتفاقية التعاون بين الجامعتين التي تحولت إلى شراكة حقيقية كاملة، أهَّلت جامعة حائل للصدارة في آلية تحويل هذا النوع من الاتفاقيات إلى شراكة متكاملة ونموذجية تحقق أقصى الفائدة لطلاب كلية الطب.
من جانب آخر تم بدء أعمال إنشاء المستشفى الجامعي الجديد بعد التوقيع على تمويله ضمن مشروعات تنموية في جامعات سعودية عدة.
وسيكون هذا المستشفى، الذي يتسع لـ600 سرير، ويحتوي على جميع العيادات المتخصصة، قاعدة ودعامة لكلية الطب، وهو مجهز بأحدث التقنيات والأجهزة الطبية، ولن تكون خدماته مقصورة على المجتمع الجامعي، بل ستمتد إلى المجتمع المحلي، خصوصاً في ظل اتفاقيات التعاون مع الجهات الصحية الحكومية والخاصة، والهيئات والكراسي البحثية الطبية، ومنها كرسي الدكتور ناصر الرشيد لأبحاث أمراض الكلى.
وبيّن معالي الدكتور أحمد السيف أن خدمات المستشفى ستشمل المنطقة والوطن، وسيتم إنشاؤه وفق أحدث التقنيات الطبية المتقدمة عالميا، مشتملا على جميع التخصصات الصحية كأقسام الباطنة والجراحة والأطفال والنساء والولادة وعمليات اليوم الواحد والطوارئ والعيادات الخارجية للقلب والأنف والأذن والحنجرة والمسالك البولية والجهاز الهضمي والأسنان والصحة النفسية والأعصاب ووحدة للعناية المركزة والتخدير والمناظير، كما سيكون المستشفى مدعوما بطاقم بشري من الكوادر الطبية والفنية المؤهلة.