«التقية عند أهل السنة والجماعة هي الحذر من إظهار ما في النفس من معتقد وغيره للغير، إذا اضطر المسلم إلى ذلك من أجل اجتناب شرهم مع ثبات القلب على إنكار موافقتهم وبغضها والسعي لدفع الحاجة إليها. والتقية رخصة لا يلجأ إليها إلا في حال الاضطرار، والأخذ بالعزيمة أفضل». «الموسوعة الحرة». بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 واجه مجتمعنا تحولات ومراجعات مهمة وقوية وكبيرة كانت حتمية؛ لأننا أدركنا متأخرين أن مؤسساتنا التعليمية والإعلامية والثقافية كانت تسير وفق برمجة عقلية منظمة تنتهي باختطاف بعض شبابنا ليكونوا آلة موت وقتل.
تلك التحوُّلات والمراجعات جعلت من مصطلح التقية يظهر جلياً؛ ليكون حلاً ووسيلة يتوسل بها المتشددون للإبقاء على نفوذهم وسيطرتهم على المراكز التنفيذية الحساسة خاصة في مؤسسات التعليم العام والعالي، وكذلك في المؤسسات الدينية الإعلامية. ظهرت أصوات جريئة - لم ينصت لها أحد - تحذر من التقية التي يمارسها البعض، وشددت على إبعاد ذوي الفكر المتشدد عن المواقع الحساسة المتعلقة بالتعليم العام والجامعي والإعلام الديني حتى وإن ظهرت عليهم مراجعات عديدة وتحولات كبرى خاصة من كانوا مؤثرين في المرحلة الآحادية أو الصحوية.
اليوم ونحن نظن أننا طوال السنوات العشر الماضية نمضي في العملية التصحيحية الكبرى التي تقودنا لبناء تفكير أجيال يكونون ثمرة لمرحلة مختلفة أساسها الوسطية والتسامح وتقبل الآخر وإعلاء قيمة المرأة نجد للأسف أن التقية استخدمت ورقة رابحة، ونجح المتشددون في إبقاء الحال على ما هو عليه لعشر سنوات أخرى! فالأفكار لم تتغير، التغيير كان في المفردات وطريقة عرض الأفكار. يحق لنا بوصفنا مجتمعاً أن نتساءل: كيف ومتى نقطع الطريق على هذا التغرير.