نقلت العربية نت ثلاث مقالات كتبها الأستاذ عبد العزيز السويد مؤخراً ضد الهيئة العامة للاستثمار، أولها بعنوان «إنجازات هيئة الاستثمار»، ولا داعي للرد على هذا المقال؛ فقد ثبت خطؤه، وهو حول ما نشر عن سبعين ترخيصاً أجنبياً في جدة. وقد خلط الكاتب الكريم بين مسميات المواقع البلدية ومسميات التراخيص الأجنبية. وفي الأسبوعين الماضين كتب الأستاذ السويد مقالين ضد الهيئة يجب التوقف عندهما؛ فالوطن فوق الجميع، وقد شكك السويد في أمن الوطن وصحة معلوماته كلها؛ ففي مقاله « الاستثمار وغسيل الأموال» ارتاب الكاتب من الاستثمارات الأجنبية بأن تكون أموالاً قذرة تُغسل في السعودية عن طريق الاستثمار الأجنبي بتسهيلات الهيئة العامة للاستثمار، واستشهد في ذلك بنوع مجرم من المستثمرين بحالة هو يعرفها؛ حيث قال «فمن المضحك المبكي أن تمنح الهيئة لشخص ترخيص (محل بوفيه)، وعلى هذا الشخص 12 سابقة، (درزن) من سوابق المخدرات؟». وأحب أن أوضح للكاتب الكريم، وبحسب خبرتي في هذا المجال، أن الجهات الأمنية - بالتعاون مع مؤسسة النقد - هي المسؤولة عن هذا الأمر، وهي تبلي بلاء حسنا، ولا يمكن أن تسمح بهذا أبدا أن يقع على الأرض السعودية. كما أنني لا أدري كيف يمكن أن يخرج شخص عليه 12 سابقة في المخدرات من السجن ويحصل على ترخيص أجنبي والجهات الأمنية غافلة عنه، بينما انتبه له الأستاذ السويد؟
وفي هذا المقال كتب الأستاذ السويد «وخلال السنوات الماضية تمكّنت الهيئة - وما زالت - من فرض سرية شديدة على المعلومات، فلا يوجد مرجع إحصائي موثوق يمكن الركون إليه»، وأعاد الفكرة بشكل أشد وضوحًا في مقاله الأخير «دعوة للتأمل الاستثماري» في ضربة استباقية لإجهاض جهود الهيئة في توضيح الحقيقة؛ حيث قال: «نأتي إلى أرقام تنشر بين فينة وأخرى، تدَّعي نجاحات للهيئة بأنها استقطبت كذا بليون، ووفرت كذا وظيفة، وهي أرقام لا تذكر مصادرها، ولا في أي فترة؛ لذلك لا يُعتدُّ بها».
فلا والله لا نرضى أن يُشكك في معلومات الوطن كلها؛ فالاستثمارات الأجنبية تدخل في معظم المؤشرات الاقتصادية كالناتج المحلي وما يتبعه وكميزان المدفوعات الدولي وما يتبعه، وباختصار لا يكاد يخلو مؤشر ولا تحليل اقتصادي في تقارير مؤسسة النقد من أرقام الاستثمارات الأجنبية وآثارها المباشرة على الاقتصاد الكلي والمالي والنقدي، وكذا كثير من معلومات وإحصاءات وزارة التجارة ووزارة المالية ووزارة العمل والإحصاءات العامة، فإن كنا لا نثق بكل هؤلاء فبمن نثق؟ أم أن الهيئة استطاعت خداعهم كلهم وخداع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمات العالمية والشركات الأجنبية. ويا أخي الكريم اعلم يقينا أنه لا يوجد بلد يقوم بالغش في المعلومات ويستمر ذا مكانة في المنظومة الدولية، فضلاً على أن يكون بلدا في وزن المملكة العربية السعودية ومصداقيتها في العالم، وإن الوضع الذي تتصوره من غش في المعلومات وسرية الاستثمارات يصلح أن توصف به كوريا الشمالية وأمثالها من الدول التي ليس لها مصداقية في المجتمع الدولي.
وكذا كتب الأستاذ الكريم خالد السلمان في عكاظ في مقاله «»الاستثمار في الحكي»، الذي نقلته العربية نت بالطبع في حملتها المتواصلة ضد هيئة الاستثمار، قوله: «من حسن الحظ أن هيئة الاستثمار لا تملك فريقا لكرة القدم يشارك في دوري «زين»، وإلا لكانت عرضت علينا تقريرا أجنبيا يمنحه المرتبة الأولى حتى ولو كان يواجه خطر الهبوط!!».
عجيب! هل يمكن أن تصبح المنظمات الدولية أداة في يد الهيئة تلعب بها كيف شاءت؟ فإن كانت الهيئة كذلك فإنها والله لذو شأن عظيم. وللرد عليهما وعلى كل من يروج لهذا فسوف أستشهد هنا بكلمة الدكتور الجاسر محافظ مؤسسة النقد بمناسبة التقرير السنوي لمؤسسة النقد؛ حيث قال: «كما تحسنت بيئة الاستثمار في المملكة وتوج ذلك حصول المملكة على المركز الثامن عالمياً في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفقاً لتقرير منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الاونكتاد). من جانب آخر، حصلت المملكة مؤخراً على إشادة مهمة من مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في تقريرها الصادر نهاية يونيه الماضي، وبهذا سجلت المملكة المرتبة الأولى عربياً، وأحد المراكز العشرة الأولى في ترتيب دول مجموعة العشرين» انتهى. هذا ما يعترف به العالم للمملكة من مصداقية، وهذا ما ينشره الأستاذ السويد والعربية نت للعالم ويشككون في صحته عن المملكة، وجفت الأقلام ورُفعت الصحف.
إن مما سكت عنه أن بعض كُتابنا لا يقبل بالاعتراف بالخطأ، فيستمر في خلط الأمور من أجل الانتصار لقوله بغض النظر عن آثار ذلك على مصلحة الوطن والمواطن.